ويرو – كوموكو ..
1600 بعد الميلاد
مذكرة "جون سميث":
مذكرتي العزيزة.. إنه يوم جديد من أيامي الرائعة.. مغامرة جديدة من مغامراتي التي ملأت صفحاتك.. لكن مغامرة اليوم فيها شيء محبَّب إلى نفسي.. اكتشاف عالم جديد.. فأنا اليوم أتحرك بسفينة كبيرة مع رفاقي ناحية الغرب.. إلى قارة بِكرية.. ليس فيها دول.. ولا نزاعات.. أرض خصبة لكل من يريد أن ينشىء أي شيء.. سمعت أن من يسكن هذه القارة هنود حمر الأجساد يرتدون الريش على رؤوسهم.. وسمعت أنهم متوحشين ويكرهون الغرباء.. وأن الغريب القادم إليهم سينتهي به الأمر مطبوخًا في قدرٍ من قدورهم وجماعة منهم يرقصون حوله في وحشية وتلذذ.
ها هي اليابسة تقترب.. وسفننا المتعَبة من عبور المحيط تتمطى في إرهاق.. أشجار ونخيل وخضرة ورمال ذهبية وهواء عليل وهندي أحمر يحمل رمحا ويجري ناحية السفينة في جنون.. يا إلهي.. رمى علينا الهندي الغاضب رمحه رمية كأمهر رمية رام.. وانغرس رمحه في قلب "كريس" الفتى المراهق الذي كان عقله مليء بقصص البحارة المغامرين وكان يحلم دومًا أن يكون واحدا منهم.. لكن الرمح قد انغرس في قلبه اليوم بطريقة قضت على كل القصص والمغامرات التي كان ينوي أن يخوضها.. قضت على كل شيء قبل أن يبدأ.. إن هؤلاء القوم أشد توحُّشًا من نمور "أمور" المفترسة التي قابلتها في روسيا.. وكان "كريس" المسكين أول ضحية قتلوها.
هرب الهندي الأحمر بسرعة.. ولا ندري بصراحة هل هرب أم ذهب لينادي بقية أقرانه الحُمر.. يبدو أن رحلتنا لن تكون سهلة أبدًا.. حطت سفننا على اليابسة.. ونزلنا منها في بطءٍ حَذِرٍ.. وبدأنا نجهز المعسكر بقلق وننقل أغراضنا من السفينة ونحن نتلفت يمينًا ويسارًا ونتحفز عند سماع أي صوت.. وهاقد أتى الليل.. ولم نتعرض لأي هجوم ثانٍ.
_151_
مذكرة "بوكاهونتاس" :
"بوهاتان" هي مملكتي التي تضم بين أرجائها كل القرى الموالية لنا.. "ويرو- كوموكو" هي قريتي بين تلك القرى.. "وان - سيناكا" هو أبي.. أحب الناس إلى قلبي.. وأنا "ماتواكا" الصغيرة ابنة العشرة سنوات وأحب الناس إلى قلب أبي.. واسمي يعني "زهرة بين مجريين" لأن قريتنا كانت تقع على مجرى نهرين.. واسمي الآخر هو"أمانوتي".. وأبي هو زعيم مملكة بوهاتان كلها.. لست ابنته الوحيدة.. فأبي له ما يقرب من الثلاثين بنتا.. نتيجة زواجه بما يقرب من الثلاثين زوجة.. لكن من بين كل هؤلاء كنت أنا الأقرب إلى قلبه.. وكنت كذلك فقط لأنني "بوكاهونتاس" ليس بسبب أي شيء آخر.
"بوكاهونتاس" هو أشهر أسمائي.. وهو اسم له معنى مثل كل أسمائنا.. ومعناه هو الفتاة الشقية.. وشقية يعني مرحة وروحها حلوة.. لماذا أنا الأحب إلى قلب والدي؟ لأنه لما تزوَج ثلاثين مرة فعل ذلك بدافع من تقاليدنا التي تحتم على زعيم المملكة أن يتزوج فتاة من كل قرية ويُنجب منها.. فيدخل الدم الملكي إلى القرية فيكون هذا إعلانا من القرية بالولاء للملك.. ملك مملكة بوهاتان.. أما أمي فلم يتزوجها أبي بدافع سياسي.. بل كانت أول امرأة يتزوجها في حياته.. وأول امرأة يحبها في حياته.. وقد كان اسمها "بوكاهونتاس" أيضًا.. وقد تزوجها قبل حتى أن يصير ملكًا على بوهاتان.. وكنت أنا أول إنجاب لأبي.. ولقد ماتت أمي لما أنجبتني.. الأمر الذي أحزن والدي حُزنًا اسودت لأجله طيات روحه.. لكنه لم يلبث أن قرر أن يسميني "بوكاهونتاس" مثلما كانت أمي "بوكاهونتاس".. لأكون مولِّدًا للسعادة التي ستأتي وتنتزع حزنه الأسود من ثنايا روحه ليكون هباء تذروه الرياح.
_152_
أخبرنا "الكويكروز" أن هناك قومًا بيضا قد أتوا بسفنهم ضيوفًا على سواحل مملكتنا.. ونصحنا الكويكروز أن نتودد إليهم أيما تودد وتلطف وأن نُريَهم كيف يكون حسن الضيافة لدى البوهاتان.. والكويكروز كما لابد أنك تعلم هم رجال الدين في بوهاتان.. وأصحاب الشورى.. وبالفعل لما وصل أولئك القوم بيض الوجوه إلى سواحلنا خرجت جماعات من أفضل رجال ونساء بوهاتان لاستقبالهم بموائد من أرقى طعام ويرو- كوموكو.. وقد فرحوا باستقبالنا أيما فرح.. وأعطونا الكثير من القطع النحاسية الثمينة.. فالنحاس في بوهاتان هو كالذهب في سائر بلدان العالم.. حقًّا كانوا قومًا بيضا لطفاء.
مذكرة "جون سميث":
مذكرتي العزيزة.. أربعة شهور مضت علينا ونحن في هذا المكان نبني معسكرنا ونجهز عدتنا.. ونصد هجمات عنيفة كان يشنها علينا الهنود الحمر بين الفينة والأخرى.. حقًّا إنهم متوحشون.. ليسوا فقط متوحشين.. بل هم آكلو لحوم بشر كما سمعت.. لقد حاولنا التودد إليهم أكثر من مرة.. وجل ما وصلنا إليه هو تجارة أجريناها مع بعضهم ممن أتونا في سلام.. نعطيهم قِطعًا نحاسية ويعطوننا طعامًا.. لكن مخزوننا من الطعام الذي جئنا به من إنجلترا كان قد نفد تمامًا.. وقد نفدت منا كل القطع النحاسية التي أتينا بها.. وهؤلاء الهنود لا يعطون شيئًا بالمجان أبدًا.. لذا قررت أن أصطحب أكثر رجالي قوة ونتوغل أكثر في هذه القرية.. علنا نحصل على شيء يصلح للأكل.
وبينما نحن نتفقد أرجاء تلك القرية الجميلة التي لا أصدق أن سكانها بهذا التوحش.. إذ رأينا مجموعة من هؤلاء المتوحشين أقوياء البنية يسيرون بقارب على النهر ببطءٍ وينظرون إلينا في تحفُّز.. وبدون أن أنتظر لحظة رفعت بندقيتي وصوبتها إليهم عازمًا على إزاحتهم عن طريقنا.. لكن أحدهم صرخ صرخة وحشية مدوية سمعنا على إثرها حفيف أشجار كانت حولنا.. أشجار برز منها عشرات منهم.. أُسقط في يد رجالي واستداروا هاربين.. واستدرت مع رجالي عازما على الهرب.. فلا قدرة لدي على مواجهة كل هذه المخلوقات المفترسة التي ترتدي الريش..
_153_
هرب رجالي ولم أقدر أنا على الهرب.. لم أتخيل أن نهايتي ستصبح بهذه البشاعة على يد قوم حمر الوجوه يرتدون ريشا.. حاولت بكل مهارتي أن أهرب لكنهم حاصروني من كل مكان.. فرميت سلاحي ورفعت يدي.. وحاولت أن أتحدث معهم لكن سهما انغرز في كتفي كان أسرع من حديثي.. ثم أظلمت الدنيا في عيني.. وسقطت على الأرض.
مذكرة "بوكاهونتاس":
أربعة أشهر مرت على استضافتنا لهؤلاء القوم البيض في أرضنا.. وكان أحدهم رجلًا شديد الوسامة ذا شعر بني.. كان في نظرنا إلهًا من الآلهة.. يحمل في إحدى يديه سيفًا صارمًا وفي اليد الأخرى يحمل عصا الرعد.. عصا غريبة الشكل يوجهها على من يريد أن يقتله.. فيرتفع دوي الرعد المخيف ويموت الرجل.. كان رهيبًا هذا الرجل.. قتل بعض رجال البوهاتان بهذه الطريقة.. المشكلة أنه كان يدخل في بعض الأيام إلى بعض القرى التي أكرمت رجاله.. يدخلها دخول الصديق.. ثم يهدد زعيمها بعصا الرعد تلك حتى يعطيه ورجاله المزيد من الطعام.. كان يفعل هذا في الأيام التي لا يزورهم فيها أحد بطعام.. نحن أهل الكرم.. لكن من المستحيل أن تطعم أكثر من مئة رجل يوميًّا لمدة أربعة أشهر.. كانت تمضي أيام لا نزورهم فيها بطعام.. عندها يجن جنونهم ويدور هذا الإله الوسيم بين أرجاء قرانا طلبًا للطعام.
لم يحب الكويكروز هذا أبدًا؛ لذا قرروا أن نأخذ هذا الإله ونستضيفه في ويرو- كوموكو.. فيُحدِّثه أبي ويتفاوض معه على الكثير من الأمور.. وفي أحد الأيام خرج عمي "أوبي- شانكا".. أصغر أخ لأبي.. وكان قوي البنية فتيًّا.. باغتهم "أوبي -شانكا" عند النهر.. فهرب رفاق الإله الوسيم وبقى هو وحيدًا أسيرا في يد "أوبي- شانكا" ورجاله.. كان الكويكروز يقولون إن هذا الرجل ليس إلهًا بل هو بشري عادي وعصا الرعد التي معه هذه ماهي إلا سلاح بشري مصنوع بمهارة.
_154_
زار "أوبي- شانكا" جميع القبائل بينما ذلك الرجل الوسيم مقيد وراءه.. فعل "أوبي- شانكا" ذلك حتى يقول لكل القبائل أن هذا الرجل ليس إلهًا.. والدليل أننا أسرناه وقيدناه.. بل إننا ذاهبون به إلى الملك "وان- سيناكا" ليراه.. وبالطبع لم يمسه أحد رجال البوهاتان بسوء مطلقًا سواء في عملية الأسر نفسها أو أثناء زيارة القرى.. هكذا كانت أخلاق البوهاتان العظيمة.
مذكرة "جون سميث":
انتفضت فجأة.. رأيت أربعة هنودًا حُمرا يحيطون بي ويمسكونني بسواعد قوية يجرونني جرًّا إلى مكان معين لا أدري ما هو.. فكرت في التملص منهم لكني كنت داخل قريتهم المليئة بهنود حُمر آخرين ينظرون لي في فضول.. مشينا حتى دخلوا بي إلى مبنى طويل غريب الشكل.. هناك رائحة غريبة في الجو.. وحديث بلغة متوحشة وأصوات رفيعة أسمعه كل حين.. كان يبدو أن هذا المبنى ذو أهمية كبيرة.. هؤلاء القوم بدائيون جدًّا في مبانيهم وديكوراتهم وملابسهم وتصرفاتهم.. وجدت نفسي أقف فجأة أمام رجل يختلف زِيّه عن بقية أزيائهم.. وفوق رأسه عدد من الريش أكثر بكثير من البقية.. وقد دهن وجهه بألوان غريبة.. واضح أن هذا هو الزعيم.. وواضح أنه ليس سعيدًا.. إن له ملامح لا أظنها قد عرفت كيف تبتسم.
قال لي بصوت خشن جدًّا كلامًا خشنًا بلغة خشنة لا أدري كيف يفهمونها.. نظرت إليه بدهشة ورفعت كتفيَّ في عدم فهم.. ويبدو أنه غضب جدًا.. لكن ما كل هؤلاء الفتيات والفتية الصغار حوله.. قال شيئًا ما بغضب للرجال المحيطين بي.. فتحفزوا وأمسكوا بي بقسوة وأرقدوني على ظهري في منتصف هذه الغرفة الغريبة.. ثم أخرج أحدهم سيفًا طويلًا ونظر لي بغِل.. وثبتني رفاقه بغِل أكبر.. وقع في قلبي الخوف.. هؤلاء كما هو واضح مقبلون بعد ثوانٍ على قطع رأسي بهذا السيف.. حاولت أن أتملص بكل قوتي لكن هيهات..
_155_
هناك ما يقرب من عشرة أذرع تمسك بي في إحكام وترفع رأسي بطريقة تبدو معها رقبتي جاهزة لاستقبال نصل السيف.. صرخت وصرخت.. سمعت كثيرًا من الكلمات الهندية الغاضبة التي يبدو أنها آخر كلمات سأسمعها في حياتي الحافلة.. نظرت إلى السيف بخوف.. رفعه الرجل ذو اليدين القويتين والعينين المخيفتين.. وتأهب لينزل به على رأسي.. أغمضت عيني بقوة وصرخت صرخة طويلة.
زار أذني صوت يختلف عن نوعية الأصوات التي أسمعها حولي.. صوت أنثوي كان بعيدًا ثم اقترب حتى صار قريبًا جدًا.. ذراعان أنثويتان رقيقتان أحاطتا بي في رقة.. أنفاس أنثوية برقة الزهر شعرت بها على وجهي.. فتحت عينيَّ ببطءٍ مندهش.. رأيتها.. وكأنما توقف وعيي عن الوعي بكل شيءٍ حولي.. وصارت كل صورة حولها مموهة وصورتها وحدها في عيني.. رأيتها وهي تصرخ وتحيط بي وترفع يدها في وجه السياف وتضع وجهها أمام وجهي ورقبتها أمام رقبتي.. عطر أنثوي.. شعر طويل كأنه قطعة من ليل.. وعينان.. عينان ورمشان وشفتان.. هل أنا في الجنة؟ يستحيل أن أكون لازلت في تلك القرية الهندية.. إنها تضع يديها على وجهي في رقة وتنظر إلى عيني في قلق ثم تنظر لهم في غضب.
"بوكاهونتاس".. هذا هو اسمها.. فتاة شابة في الثامنة عشر.. فاتنة سمراء.. هي ابنة الملك الهندي الغاضب.. تدخلت لتحميني من قسوة أهلها.. وقد ذهل القوم بفعلتها هذه وتسمر الملك في مكانه وتحول غضبه إلى دهشة.. وقال لها كلامًا بلهجة متسائلة.. فردت عليه بصوتٍ ملائكي بكلمات تمنيت من حلاوتها ألا تنتهي.. خفض السياف سيفه.. وتراخت عضلات الرجال الممسكين بي.. وصمت الجميع.. وتكلمت "بوكاهونتاس".
مذكرة "بوكاهونتاس":
_156_
كنت جالسة بجوار أبي كالعادة.. حتى دخل علينا "أوبي- شانكا" ومعه الرجل الوسيم ينظر مندهشًا إلى ما حوله.. كان عمري عشرة سنوات وقتها.. كانت المرة الأولى التي أرى فيها شخصًا من عرق مختلف.. فكنت أنظر له في دهشة حقيقية.. قام أبي من مجلسه وحيَّاه مبتسمًا بتحية البوهاتان.. لم يفهم الرجل شيئًا بالطبع لكن كان هناك رجل من الكويكروز ترجم للوسيم التحية بلغته الإنجليزية.. أومأ الوسيم برأسه محييا ومدَّ يده يصافح أبي.
كان أبي سياسيًّا رائعًا.. عاتبه في البداية على مافعله في بعض القرى طلبًا للطعام.. وعرض عليه أن يعطيه البوهاتان أرضًا أفضل من الأرض التي بنوا عليها معسكراتهم.. أرض "كاباهوسيك".. فيها ماء عذب وماء مالح.. ومخرج يمكن أن يضعوا فيه سفنهم.. وعرض عليه أن يكونوا قرية تابعة للبوهاتان وموالية لهم.. وسيمدهم البوهاتان بالطعام ويساعدونهم في البناء ويزوجونهم أجمل فتيات البوهاتان.
أقام عندنا الرجل الوسيم الذي عرفت أن اسمه "جون سميث" أربعة أيام فقط.. أكرمناه فيها أيما كرم.. وكنت أقدم له الطعام بنفسي وألعب معه وأمدّ يدي لأشد شعره الذهبي كل حين.. علمني بعض الكلمات الإنجليزية وعلمته بعض كلمات من لغتنا.. لغة "ألجونكو".. وافق "سميث" على التعاون معنا وعلى عرض أبي موافقة كاملة بدون شروط.. وطلب منه أبي أن يساعده ضد الإسبان المخرّبين الذين يهاجمون مملكة بوهاتان كل فترة.. ووافق "سميث" ووعد أبي أن يكون هو والإنجليز تحت قيادته.
_157_
مذكرة "جون سميث":
بعد أن اعترضت "بوكاهونتاس" طريق السيّاف بهذا الشكل.. تبدلت معاملة القوم لي إلى النقيض.. يبدو أنها محبوبة جدًّا بين قومها.. أصبح الجميع يعاملونني بلطفٍ وقدَّموا لي الطعام والشراب.. إن طعامهم غريبٌ لكن مذاقه رائع.. شهر كامل أمضيته مع الهنود الحمر في قريتهم العجيبة.. كنت أود لو أخطف "بوكاهونتاس" الجميلة وأهرب بها من هذه الأرض إلى أرض ليس فيها سواي أنا وهي.
اتفق معي الملك الذي أصبحت أسميه "بالاتين" نسبة إلى "بوهاتان" على أن نكون موالين له وأن نوقف المناوشات المتكررة بيننا.. وقال إنه سيرسل لنا الطعام بشكلٍ منتظم.. كان يجب أن أهادنه وأوافقه.. فهو لا يعلم نية الإنجليز بعد.. إن نيتنا هي احتلال بلاده كاملة سواء رضي بهذا أم لم يرضَ.. هذه أرض راقية تستحق شعبًا متحضّرًا راقيًا.. ليس شعبًا همجيًّا مثل شعبه.. إلا إذا رضوا أن يرتقوا فسيعيشون معنا في سلام.
بهذا عدت إلى المعسكر وفوجئ الرجال بعودتي.. لأنني عدت ومعي هنود كثيرون محملون بموائد الطعام.. أثناء وجودي في المعسكر كانت "بوكاهونتاس" تأتي كل ثلاثة أيام أو أقل لنمضي اليوم معًا على نهر يورك.. لقد أحببت "بوكاهونتاس" وأحبتني.. المشكلة أن أبوها الملك لا يقبل بالخضوع تحت لواء إنجلترا.. بل يريد أن تخضع إنجلترا تحت لوائه هو.. وكان هذا يعني صراعًا قريبًا.. وقتلًا كثيرًا لأهل "بوكاهونتاس".. هذا صعب على نفسي لكن مصلحة بلادي فوق شهوتي الشخصية.. هكذا تعلمت.. لكن القدر لم يمهلني لأشهد الحرب مع الجنود.. فوسط كل الترتيبات والتجهيزات التي كنا نقوم بها.. انفجرت ذخيرة من الذخائر في وجهي بالخطأ.
مذكرة "بوكاهونتاس":
فجأة مات "جون سميث".. قالوا لنا إنه مات وتم نقل جثته إلى إنجلترا.. بدأ أبي ينتظر أن يعرف القائد الجديد ليعقد معه نفس الاتفاق الذي عقده مع "جون سميث".. لكن بعد موت "جون سميث" مباشرة بدأ الإنجليز في مهاجمتنا..
_158_
وتحولت المناوشات إلى حرب طاحنة مميتة قُتِل فيها الكثير جدًّا من أبناء البوهاتان.. كانت الأسلحة التي يستخدمها الإنجليز فتّاكة تبدو أسلحة البوهاتان بالنسبة لها دُمى أطفال.. وقد احتاج البوهاتان وقتًا طويلًا جدًّا ليطوروا طرقًا لمقاومة هذه الأسلحة.. ظلت الحرب مشتعلة ما يقرب من الأربعة سنوات.. ذقنا فيها طعم الجحيم الحقيقي.. كان الإنجليز قومًا شديدي القسوة يقتلون بالجملة ويستخدمون أشد الأساليب حقارة وينقضون كل العهود.
بقي الطرفان يتصارعان حتى أتى ذلك اليوم الذي ذهبت فيه بأمرٍ من أبي إلى قرية "باتاوميكس".. وهي قرية من القرى التي لم تكن موالية للملك.. كنت ذاهبة هناك في مناسبة اجتماعية مهمة.. ولما وصلت هناك نصبوا لي فخًّا وخدعوني وقبضوا عليَّ.. كان الباتاوميكس هم من نصب لي الفخ.. عرفت أنهم موالون للإنجليز ضد أبي.. شعرت بغصة في حلقي.. إنهم يودون استخدامي للضغط على أبي.. الموت أهون علي من أكون سببًا في هزيمة أمّتي في هذه الحرب.
كنت محبوسة في سفينة من سفنهم الكبيرة في غرفة ضيقة.. وحالتي سيئة جدًّا بسبب اهتزاز السفينة المستمر أثناء وقوفها في الماء.. أفرغ ما في جوفي كل يوم وأدوخ وأفقد الوعي وهؤلاء لا يفهمون أني أود الانتقال بعيدا عن السفينة ويظنون أن ما بي هو بسبب الاكتئاب والخوف.. خسئتم جميعًا.. ليست "بوكاهونتاس" من النساء اللاتي يخفن أو يضعفن بسبب الأسر.. الأمر فقط دوّار البحر.
وفي ظلمة الليل.. بين هزة للسفينة وهزة.. انفتح باب غرفتي الضيقة.. ودخل كيان لم أتبينه جيدًا.. لكنه كان رجلًا ضخمًا بالتأكيد.. وقف على الباب قليلًا كالصنم.. كان يدخّن.. أعطاه الظلام والدخان المتصاعد منظرًا مُقبِضا..
_159_
تقدَّم مني الرجل وسألني بالإنجليزية سؤالًا لم أفهم منه شيئًا.. ثم تقدم أكثر وامتدت يده لتتحسس عنقي.. كنت مقيدة لكني رفعت ركبتيَّ وطعنته بها في بطنه فانقبض متألمًا وصاح بكلمات غاضبة.. ثم بدأت المأساة.. جن جنون الرجل وأمسك بي وفعل كل ما يمكن أن يفعله ذئب بفتاة جميلة مقيدة.. ثم قام عني وقال بضع كلمات.. وعدل ملابسه وانصرف. . تاركًا إياي أتجرع دماء عذريتي وأتجرع معها دموعي.. هنا.. في هذه الليلة.. وفي هذه الغرفة الحقيرة.. فقدت أنا "بوكاهونتاس" ابنة الملك.. أغلى حلم من أحلام الفتيات.. سرقه مني حيوان.. فقدت عذريتي.. لم أعد أصلح لشيء.. ليتني مت قبل هذا.. ولولا أنني مقيدة بهذه الحبال لرميت نفسي في اليم.
مذكرة "جون سميث" :
انفجرت في وجهي ذخيرة من الذخائر عن طريق الخطأ.. أُصِبت بحروقٍ كثيرة لكنني لم أمت.. وغادرت إلى إنجلترا للعلاج.. وقال الإنجليز للهنود الحمر إن "جون سميث" قد مات.. في محاولة منهم للتملص من المعاهدة التي عاهدتهم إياها.. مرَّ شهر أو شهران ولم يستطع قومي الاحتمال أكثر.. وبدأوا الهجوم بضراوة.. كنا دائمًا ننتصر لأن تسليحنا يفوقهم وإن كان عددهم يفوقنا.. استمرت الحرب بيننا وبينهم سنين طويلة.. حتى أسر الإنجليز "بوكاهونتس" أثناء إحدى الحملات.. كانوا يعرفون مدى تعلُّق والدها بها لذا اختطفوها كوسيلة للضغط عليه.. وكوسيلة حماية.. فليس مجنونًا لعمل أي هجوم وأغلى ما يملك بين أيدينا.. طلبنا منه فدية كبيرة تعجيزية لكنه لم يدفعها كاملة.. ولهذا أبقينا "بوكاهونتاس" الجميلة عندنا.
أثناء وجود "بوكاهونتاس" في الأسر بدأت بذرة إعجابها بحضارتنا تتكون وتكبر.. منذ علاقتي بها وهي تعشق حضارتنا وقد لمست فيها حب الحضارة وكراهية التخلف والهمجية التي تراها في قومها..
_160_
وبدأت هذه البذرة تنمو أثناء أسرها خاصة مع التعامل الراقي الإنجليزي الذي كنا نعاملها به.. حتى إنها اقتنعت بالمسيحية وتحولت إليها.. وتم عمل طقوس تعميد لها وتغيير اسمها إلى "ريبيكا".. سميناها بهذا الاسم تيمنا بريبيكا المذكورة في التوراة أم "يعقوب" و"عيسيو".. فكل واحد من "يعقوب" و"عيسيو" انحدرت منه أمة.. فكانت ريبيكا أما لأمتين.. وكانت "بوكاهونتاس" تمثل التقاء أمتين.. أمة الإنجليز وأمة الهنود الحمر.
تطور حبها لحضارتنا إلى كره لحضارتها.. حتى إننا أثناء أسرها سمحنا لها بمقابلة وفد من قومها كان أبوها وسطهم.. فلما رأتهم صرخت في والدها وقالت له إنها تكرهه لأنه اتضح لها أنها أرخص عنده من سيوف قديمة وقطع من فؤوس.. وتقصد الفدية التي طلبناها والتي كانت تشمل أسلحة قومها.
تقدم للزواج ببوكاهونتاس واحد من أكبر تجار إنجلترا هو "جون رولف".. وقبلت الزواج بسعادة بالغة.. وكان هذا الزواج إعلانًا للسلام بين الأمتين بعد طول حرب فكانت حقًّا أمّا لأمتين. . سافرت "بوكاهونتاس" مع "رولف" إلى إنجلترا.. وقُدمت إلى المجتمع الإنجليزي باعتبارها حمامة السلام بين أمتين عظيمتين.. لكن المشكلة أنني أنا أيضًا كنت في إنجلترا.. وقد رأتني "بوكاهونتاس" صدفة فجأة أمامها.
مذكرة "بوكاهونتاس" :
كرهت نفسي.. أنا سبب هزيمة قومي.. أنا بلا شرف.. بلا قيمة ولا وزن.. لست أعلم من هو الذي اغتصبني حتى الآن.. لكن في اليوم التالي جاءني رجل يبدو ثريًّا اسمه "جون رولف".. وعرض عليَّ الزواج مقابل أن تنتهي الحرب بين قومه وقومي.. وفي غمرة ألمي وحيرتي وجدتها فرصة لإصلاح كل شيء.. فشعوري بأني سبب مأساة قومي سينتهي بهذا الزواج الذي سأحقن به دماءهم الغالية..
_161_
وشرفي الذي أضاعه حيوان يمكن أن يجبره الزواج.. وإن كان زواجا من أناس لم أكره في حياتي مثلما كرهتهم بكل حذلقتهم وتنطعهم وقسوتهم وخداعهم.. إلا أنني كنت مضطرة.. من أجل قومي.
وحتى يتم الزواج قالوا لي إنه يجب أن أدخل في المسيحية وأتخذ لنفسي اسمًا جديدًا هو "ربيكا".. وافقت على كل هذا بلا شروط.. وتم زواجي إلى ذلك الرجل الغني وتوقفت بالفعل حرب دامت سنين طوال كان قومي فيها هم الضحية دائمًا.. وسافرت مع "رولف إلى انجلترا.. وهناك عرفت أن زواجي لم يكن بدافع السلام كما يحاولون أن يُظهروا لقومهم في إنجلترا.. لقد كان دعاية.. دعاية لمستعمرتهم التي بنوها في أرضي.. والتي سموها مستعمرة "فيرجينيا".. كانوا يريدون للعالم أن يرى كيف أن الأوضاع في القارة الجديدة التي ذهبوا لاستعمارها أوضاع رائعة وأن أهل القارة الجديدة أحبوهم والدليل هو الأميرة"بوكاهونتاس" ابنة الملك الهندي الأحمر.
أثناء وجودي في إنجلترا عرفت أن "جون سميث" ذلك المخادع الكبير لم يمت.. وإنما قالوا لنا ذلك لأنه كان قد عقد اتفاقًا مع أبي لم يكن ينوي هو وقومه الالتزام به.. بل إنني قابلت "جون سميث" بالصدفة ذات يوم وقلت له في وجهه إنه مخادع كبير.. وأنني كنت أظنه رجلًا صالحًا كما ظنه قومي.. لكنه في الحقيقة ليس سوى مستعمِر دموي قذر.. وبدأ صوتي يعلو في مواجهة كل هذا الخداع الذي يجبروننا أن نعيش فيه.. ودخلت في صراعات عديدة مع "جون رولف" وبدأت أرفض بشدة حضور الاجتماعات والمناسبات التي كانوا يجبروني على حضورها.. حتى لم يعد أمام "جون رولف" إلا حل واحد لا ثاني له.
_162_
ذات يوم بعد شربة من ماء.. شعرت أن الدنيا تدور حولي.. وتدور بداخل رأسي.. ووهن جسدي على وهنه وسقطت على الأرض.. أدركت أن "رولف" قد دسَّ لي السم في شربة الماء.. أدركت أنهم أرادوا أن يرتاحوا من إزعاجي ويحافظوا على الصورة التي صوروها للعالم عنِّي.. الفتاة التي تكره قومها الهمج وتحب إنجلترا وتدعو الإنجليز للقدوم إلى أرضها واحتلالها لنشر حضارتهم فيها.. هذا ما أرادوا للعالم أن يصدقه.. وقد صدقهم العالم ولازال يصدقهم وسيظل يصدقهم حتى النهاية.. أما البوهاتان.. وحضارة البوهاتان العظيمة.. ودماء البوهاتان الغالية التي سالت على أرضنا أنهارًا.. فلا أحد يكترث بها.. فماذا تعني هذه الدماء مقارنة بالدماء الملكية الإنجليزية.. لا شيء.
تمَّت
***
_163_
تحليل القصة 7
وبهذا غزت إنجلترا القارة الأمريكية غزوًا وحشيًا لا يعترف بحقوق إنسان أو بغيرها.. كانوا يقتلون الجميع بدم باردٍ أهوج.. الحقيقة المريعة التي يخفيها التاريخ الأمريكي أن تمثال الحرية في الحقيقة قد أقيم على حساب أرواح ملايين الهنود الحمر.. فالمشكلة التي واجهت الأوروبيين المستعمرين البيض هي أنهم وقعوا على أرض خصبة زراعية واسعة الأرجاء تحتاج إلى عددٍ كبيرٍ جدًّا من الأيادي العاملة.. ولقد حاولوا أول ما حاولوا بدلًا من أن يقتلوا الهنود الحُمر أن يستعبدوهم.
كنت ترى مئات الشاحنات المحملة بالأطفال الهنود الحمر والنساء.. وكان النساء أكثر أهمية.. لأنهم فضلًا عن العمل الشاق الذي يقومون به في الأراضي الزراعية فهم كانوا يمثلون متعة جنسية لا حصر لها للسادة البيض.
ومن يرفض من الهنود أن يتم استعباده كان يقتل.. والتاريخ يحكي آلاف عمليات حرق القرى وإبادة السكان كاملين فيها وتسميم الآبار حتى وصل رقم الهنود الذين تم قتلهم إلى 80 % من عدد الهنود الأصلي.. وهذا يعني رقمًا مهولًا يقترب في أكثر الإحصائيات خجلًا من الخمسين مليون هندي أحمر أو ربما أكثر من ذلك.
لكن الأرض كانت واسعة جدًّا ولا يمكن للهنود وحدهم أن يعملوا عليها.. كانت هناك ملايين الأفدنة تحتاج لمن يعمل عليها.. وهنا توجه المستعمرون البيض إلى أكثر قارة تنجب رجالًا أشداء أقوياء في هذا العالم.. توجهوا إلى إفريقيا.
عشرات الملايين من الزنوج تم حشرهم مقيدين بالأغلال في السفن الإنجليزية وتهجيرهم قسرًا إلى أمريكا ليعملوا هناك في الأراضي.. هؤلاء كانوا يشكّلون قوة عاملة عظيمة جدًا.. ومجانية.. والزنوج الذين سيقوا إلى أمريكا كان يموت أكثرهم إما جوعا أو عطشا أواختناقا من تكديسهم على بعضهم البعض بالمئات أو يموت من رصاص البيض الغزاة ذوي المزاج المتعكر.. كانت أكبر ملحمة لاإنسانية أقيمت في التاريخ كله..
_165_
حرب إبادة شاملة عرقية على الهنود الحمر وحرب استعباد شاملة على الزنوج.. وهكذا أقيمت أمريكا.. بلد الحرية والديمقراطية الرائعة.. حتى إن أبو الحرية الرئيس الأول "جورج واشنطن" نفسه كان يملك ثلاثمئة عبد وجارية في مزرعته الخاصة.. ولم يحرر واحدًا منهم قَط حتى وفاتهم.
إن "بوكاهونتاس" هي الصادقة.. و"جون سميث" هو الكاذب.. ولقد ذكر الكاذب في مغامرات متعددة من مغامراته قصصاً من وحي خياله عن فتيات يحببنه وينقذنه من الموت.. بالطبع حكاية "بوكاهونتاس" اشتهرت بعد فيلم ديزني الشهير لها.. والذي يحكي القصة من وجهة نظر "جون سميث".. أما وجهة نظر "بوكاهونتاس" فكان من المستحيل أن تعرفها لولا أنك قرأت كتابي هذا.
إن البوهاتان لا يكتبون.. لم يكتبوا تاريخهم في أي كتب.. إنما يحتفظون به في أدمغة الكويكروز.. وهم رجال حكماء يعرفون كل شيء.. حتى أتى اثنان من الهنود الحمر المعاصرين من الذين يحملون الجنسية الأمريكية وقررا أن يكتبا القصة الحقيقية ل "بوكاهونتاس" حتى يعطيا الحق لأهله.. لكن كتابهما هذا بالطبع تمت محاربة انتشاره ولم يشتهر.. حتى لا تسوَد الصورة اللامعة الجميلة التي أظهرتها ديزني في فيلمها الذي أصدرت منه جزئين.. ولا تظن أن الحكاية مروية في الفيلم فقط.. بل إنها مروية في جميع الموسوعات وكتب التاريخ العالمية بناء على وجهة نظر "جون سميث" فقط.. أما وجهة نظر الهنود الحمر فلا أحد حاول حتى أن يستمع إليها.
ولعلك تتساءل ما سر الورقة التي أريتك إياها قبل هذه الحكاية.. ورقة الإيلوميناتي ورسمة الهرم والعين أعلاه.. هذه الرسمة نفسها هي الموجوده على الدولار الأمريكي.. وقبل أن أخبرك بأي شيء أريد منك أن تزيح كل ما قرأته أو سمعته عن هذا الموضوع جانبًا.. وتستمع لي جيدًا..
_166_
لعلك قد لاحظت أن "جون سميث" كان يعرف بعض المعلومات عن الهنود الحمر قبل أن يحط بسفينته عندهم.. هذه المعلومات كلها كان قد جمعها رجل يدعى السير "والتر راليج" وهذا الرجل هو الأستاذ الأعظم لمنظمة سرية تدعى منظمة الصليب الوردي أو الروزكروشن.. وقد كان مستكشفًا.. وبمناسبة هذه المنظمة ها أنا أريك ورقة من أوراق اللعبة هي ورقة الروزكروشن.. وعليها صورة صليب مزيَّن بالورود ذات اللون الزهري.. وهي منظمة تفرعت عن الماسونية لكنها أكثر منها انغلاقًا وأكثر سرية.
عرف "والتر" أن أرض أمريكا هي أرض خالية من العوائق.. ليس فيها سلطات.. وليس لها تاريخ.. وليس فيها عقائد.. ولا حواجز تحول بين من يسيطر عليها وبين أن يكون مجتمعًا جديدًا.. بأفكاره هو.. ولغاياته هو.. وهي فرصة للحركات السرية لن تتكرر.. فرصة لهم ليقيموا لهم وللمرة الأولى دولة.. بعيدًا عن زحام دول أوروبا وتعقيداتها.. وبدا أن الحركات السرية كلها مقبلة على أهم انعطاف في تاريخهم.. منعطف اسمه أمريكا.
وبعد حكاية "جون سيث" و"بوكاهونتاس" والمستعمرات الإنجليزية السفاحة التي قتلت من الهنود الحمر ما قتلت.. أصبحت هناك ثلاث عشرة مستعمرة إنجليزية.. تجري من تحتها أنهار من دماء الهنود الحمر.. وهنا أرسلت الماسونية رجلًا يدعى "لافاييت".. رجل من الدرجة 33 .. هذا الرجل هو الذي وحَّد صفوف المستعمرات الإنجليزية كلها.. ثم أرسلت الماسونية أحد الماسونيين المهمين وهو "فريدريك شتوبين".. جنرال عسكري محنَّك.. نزل إلى المستعمرات وحول الميليشيات العسكرية المفككة لها إلى جيش موحد.. ثم قامت الثورة الأمريكية.
_167_
بدأت بما يعرف بحفلة شاي بوسطن.. الحكومة الإنجليزية رفعت الضريبة على الشاي.. فتسلل رجال ماسونيون متنكرون في زِيّ هنود حمر إلى سفينة تحمل حمولة الشاي.. ورموا كل حمولة الشاي التي على السفينة في البحر.. غضبت الحكومة البريطانية أو مثلت أنها غضبت وردت ردًّا عنيفًا مما أدى لنشوب ما يدعى بالثورة الأمريكية.
ونجحت الثورة الأمريكية وحصلت أمريكا على استقلالها وصارت دولة كبيرة مستقلة.. وها أنا أعرض عليك ورقة أمريكا وعليها صورة علم أمريكا وأمامه تمثال الحرية يلعب بكرة تحت قدمه.. الكرة الأرضية.
كل هذا جميل ولكن دعنا ننظر إلى وثيقة استقلال أمريكا والتي وقَّع عليها أربعون اسمًا.. كان أول تسعة عشر اسمًا منهم ماسونيين.. وهذا ليس كلامًا أتكلم به في الهواء بل هو كلام موثق.. دستور أمريكا.. وقَّع عليه ستة وخمسون شخصًا.. أول ستة وعشرين اسمًا منهم ماسونيين.. أول رئيس لأمريكا هو "جورج واشنطن" ماسوني.. وكل هؤلاء معروفون رسميًّا.
استقلال أمريكا كان عام 1776 .. وفي نفس العام بالضبط أنشئت حركة سرية في بافاريا بألمانيا اسمها منظمة الإيلوميناتي.. ورمزها هو الهرم غير المكتمل والذي تعلوه عين وراءها نور ساطع.. أنشأها رجل يدعى "آدم وايزهاوبت".. ودمجها بالماسونية ليصبحا منظمة واحدة عالمية.. والآن دعنا ننظر معًا إلى ورقة الدولار الأمريكي الواحد.. وكما تعرف دائمًا فئة عملة الواحد في أي دولة هي التي تمثلها.. دعك من الوجه الأمامي ولنقلبه معًا على وجهه الخلفي.. هل ترى الهرم والعين على يسار كلمة ONE ؟ هذا الرمز لا علاقة له بأمريكا من قريب ولا من بعيد.. إنما هو رمز الإيلوميناتي.
فوق العين ترى كلمة Annuit Coeptis وهي كلمة لاتينية معناها الحرفي "هو .. الذي وافق على حمايتنا".. وتحت الهرم كلمة هي Novus Ordo Seclorum وهي كلمة لاتينية أيضًا معناها الحرفي هو "النظام العالمي الجديد".
_168_
لو كنت عضوًا في الماسونية أو الإيلوميناتي فستتعلم معنى جديدًا لكل رمز من الرموز كلما ترقيت درجة.. فالعين في البداية هي عين الله المطلعة على كل شيء.. ثم تكون عين أوزيريس.. ثم تتحول لتكون عين "لوسيفر" المطلعة على كل شيء.. ف "لوسيفر" يجري من ابن آدم مجرى الدم وهو مراقب مطلع على كل ما يقوم به البشر.. ثم في الدرجات المتقدمة جدًا.. ستتعلم أن هذه العين هي عين أخرى تمامًا.. عين أنتيخريستوس.. والنظام العالمي الجديد هو نظام أنتيخريستوس.
والنور حول العين تتدرج معانيه أيضًا.. فهو في البداية نور الله.. ثم يتحول ليصير نور "يهوا".. و"يهوا" هي الله في اليهودية القديمة.. وممنوع على أحدٍ أن يتفوه بهذا الاسم إطلاقًا لأنه اسم الله الأعظم.. ثم يتحول في النهاية لنور "لوسيفر".. لأن "لوسيفر" هو حامل النور.. والهرم تتعلم أنه يرمز إلى الحد الغربي لحُلم بني إسرائيل " من النيل إلى الفرات".. فالحد الغربي هنا هو النيل.. لأن النيل قديمًا كان يمر من الهرم.. ولذلك فالهرم موضوع في يسار الدولار.. ثم ستتعلم أنه يرمز إلى محل استحضار الإله "لوسيفر".
أما الرمز على يمين كلمة ONE فهو رمز لطائر يبدو وكأنه نسر أو صقر.. فوق رأسه ثلاث عشرة نجمة صغيرة تكون فيما بينها نجمة سداسية.. نجمة داوود.. الشكل الذي عليه قدس الأقداس.. هيكل سليمان.. وهو موضوع فوق رأس الطائر كرمز على أن هذه النجمة السداسية فوق رأس أمريكا وشعار أمريكا.
طبعًا من قام بتصميم هذا الشعار لجنة كل أعضائها هم أعضاء رسميون معروفون في منظمة الإيلوميناتي وأشهرهم "بنجامين فرانكلين" و"جون أدامز" و"توماس جيفرسون"
وبالنسبة كلمة النظام العالمي الجديد التي يرددونها ويدعون لها طيلة الوقت.. فهم يريدون أن يوحّدوا أفكار العالم وأزياء العالم واهتمامات العالم لتصير كلها أمريكية.. وقد نجحوا في هذا إلى حدٍّ بعيد.. هذا واضح في أزياء الناس والمطاعم التي يأكلون منها والأغاني التي يسمعونها..
_169_
ولا أقول أن هذا سيء لأنني أمريكي ومن المفترض أن يعجبني هذا.. لكنني فقط أقول أنه لا توجد أمة من الأمم نهضت بغير لغتها.. خذ اليابان كمثالٍ.. هؤلاء يفرضون لغتهم فرضا.. خذ فرنسا وألمانيا كمثال آخر.. هل فهمت قصدي الآن؟
لازلت لا تصدق أن أمريكا دولة ماسونية وأنني ممن يطلقون عليهم "المؤمنين بنظرية المؤامرة" والتي يلقون عليها كل مشاكل العالم؟ حسنًا.. إن الاحتفال الذي تم فيه وضع حجر الأساس لمبنى الكابيتال الأمريكي هو احتفال تمَّ بطقوس ماسونية وأزياء ماسونية ومن كان يديره هو محفل الميريلاند الماسوني.. وهم يعترفون بذلك ولا ينكرونه بل ويفتخرون به.
رؤساء أمريكا كلهم ماسونيون من أكبرهم إلى أصغرهم.. من أولهم حتى "أوباما" وهذا رسميًا وليس ادعاء من عندي.. كلهم ماعدا واحد فقط هو "جون كينيدي" الذي عندما نما إلى علمه وجود منظمة خفية تدير بلاده.. خرج في خطاب رسمي على الملأ يهاجم فيه وجود منظمات سرية ويقول إن هذا غير مقبول وأن على الدولة أن تحارب مثل هذه التنظيمات.. حتى إنه أراد تفتيش مفاعل "ديمونة" النووي الإسرائيلي.. هل تدري كيف تم قتل "جون كينيدي" بعد أن ألقى الخطاب أم تريدني أن أضيع مزيدًا من الوقت في إخبارك؟
ومن قتلوا "جون كينيدي" هم أنفسهم الذين قتلوا الملك "فيصل بن عبد العزيز" لما قطع البترول عن أمريكا.. وهم أنفسهم الذين قتلوا "السادات".. ولا أعني ب "هم" نفس الأشخاص بل أعني نفس المنظمة أو منظمات تابعة لهم.. فكل هؤلاء كانوا رجالًا كما يجب أن يكون الرجال.. وهذا الصنف من البشر واجب القتل الفوري عند الإيلوميناتي.
_170_
عندما ظهرت رائحة الماسونية العفنة بدأت تخصص جزءًا كبيرًا جدًّا من أموالها للأعمال الخيرية والمنظمات الخيرية.. وعندما أقول أموال فأنا أعني بلايين.. حتى يُقنعوا العالم أنهم منظمة تسعى إلى الحرية والإخاء.
هناك العديد من المؤسسات الماسونية في بلادك تدعي أنها تعمل أعمالًا خيرية فلا تنخدع بها.. أبرزها نوادي الروتاري ونوادي الليونز.. لكن مهلًا.. ليس كل من رأيته حاضرًا في أحد هذه النوادي هو ماسوني.. فهذه النوادي هي نوادي عامة وخلال عملها الخيري على قد يستعينوا من آنٍ لآخر بشخصيات هامة كنوع من الدعاية لحملاتهم.. وهذه الشخصيات العامة قد تكون من أنظف شخصيات البلد.. ولا يدري أيٌّ من تلك الشخصيات شيئًا عن الحقيقة المريعة التي تختفي وراء تلك النوادي أو تلك المنظمات.. أو ربما يدري ولكنه لا يسمح لهم باستغلال نفوذه وتأثيره إلا في عمل من أعمالهم الخيرية.
وليس كل من انضم إلى الماسونية شريرًا بالمناسبة فلا تنخدع أيضًا.. فقد سبق ونوهت إلى أن هناك درجات كثيرة في الماسونية وأن أول ثلاث درجات فيها هي بمثابة كشافات لأخيار من يصلح إلى الترقي بعد هذا.. ولا يكون المرء ماسونيًّا شريرًا إلا بعد وصوله إلى الدرجات العالية.. حيث يبدأ في معرفة حقيقة المنظمة وأنها يهودية ذات أهداف يهودية.. وأنه هو نفسه لابد أن يقسم على التوراة وحدها.
وأي رجل لامع حاولت الماسونية أن تجتذبه وقبل الانضمام.. ثم ترَك الماسونية في الدرجات الثلاثة الأوائل فهم لا يتعقبونه ولا يؤذونه.. لكن المشكلة فيمن هم أمثالي ممن يحاولون أن يتركونها بعد أن يصلوا فيها لدرجات متقدمة جدًّا.
ولقد صدرت فتوى رسمية من الأزهر بتحريم الانضمام للماسونية وكل ما يتبع لها من نوادي مثل الروتاري والليونز.. وكذلك أصدر المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي فتوى مماثلة.. وهي فتاوى طويلة تبين بشكل واضح أهداف الماسونية الحقيقية التي تم كشفها وتحريم الانضمام لها بناء على هذا الكشف.
_171_
والآن حان الوقت لأكشف لك معلومة هامة وعدتك بكشفها في أول حديثي معك.. سأكشف لك اسم لعبة الأوراق التي نلعبها هذه.. وهو اسم سيدهشك نوعًا ما.. اسمها لعبة الإيلوميناتي: النظام العالمي الجديد.. وهي متوفرة في الأسواق العالمية بسعرٍ غالٍ نوعًا ما يقترب من الثلاثمئة دولار أمريكي.. تحتوي على حوالي خمسمئة ورقة.. كل ورقة تحمل سرًّا.. أوراق منها تحمل سرًّا من أسرار الزمن.. وأوراق تحكي أحداثًا غيرت مجرى الزمن.. وأوراق كتب فيها أسرار الماسونية والإيلوميناتي.. وأوراق تحكي خططًا يود الإيلوميناتي تحقيقها.
وقبل أن نكمل أود أن أعطيك نبذة شديدة الاختصار عن وجود الماسونية والإيلوميناتي في الميديا.. الأمثلة كثيرة جدًّا لا حصر لها لكن سأذكر لك أهمها.. لو شاهدت فيلم ديزني "علاء الدين".. ألا تذكر أن علاء الدين لما خرج له الجني الأزرق وقَّع معه عقدُا في ورقة طويلة ثم بدأت الأموال والنساء ينهالون عليه.. كان سكيتش راقص كوميدي ولكنه يعبر تمامًا عن الحقيقة.. بع نفسك للشيطان يأتيك الشيطان بكل ما تشتهي.. كما أذكر ذلك النادي الذي أنشأه "سبونج بوب" والذي كانت علامته هل نفسها علامة الإيلوميناتي.
صانع هذه اللعبة هو "ستيف جاكسون".. وهو عضو في منظمة الإيلوميناتي.. وهذه المنظمة على خفائها إلا أنها مولعة بترك بصمة لها في كل مكان.. ففي أفلام السينما تُخفي رموزها بين ديكورات المشاهد. . الهرم والعين.. المربعات البيضاء والسوداء التي ترمز لاتحاد عالمي الجن والإنس.. المسطرة والفرجار.. ويتم دسها أيضًا في الفيديو كليبات وفي أفلام الكارتون.. وفي مئات الكنائس حول العالم.. والخلاصة أن هذه اللعبة التي بين أيدينا هي أكثر خطوة جريئة قام بها المتنورون لترك بصمة لهم.. فرغم أن اللعبة صدرت عام 1990 إلا أن فيها تسطيرا لأحداث حدثت بعد هذا التاريخ بكثير.. هل تود أن أخبرك بأمثلة؟ فليكن سأخرج لك تلك الأوراق.
_172_
هل ترى هذه الورقة.. إنها ورقة الإرهاب.. وعليها صورة واضحة جدًّا لبرجي .. التجارة العالميين وهما يتفجران.. تذكر أننا نتحدث عن لعبة صدرت في 1990 أي قبل 11 سنة من انفجار البرجين فعليًّا لما اصطدمت بهم طائرتان عام 2001 في أحداث 11 سبتمبر.
هذه الورقة الثانية وهي ورقة البنتاجون.. وعليها صورة مبنى وزارة الدفاع الأمريكية وهو يحترق.. ولقد احترق بالفعل بعد أن اصطدمت به الطائرة الثالثة في أحداث 11 سبتمبر أيضًا عام 2001.
وهذه الورقة الثالثة هي ورقة الثورة.. وعليها صورة مبانٍ تبدو عربية بينها مبنى طويل معلقة عليه صورة ضخمة لرئيس الدولة في رداء عسكري مبالغ فيه.. وهذا المبنى الطويل يحترق من أعلاه وتبدو البلد في حالة ثورة واضحة.. وهذه الورقة تعبير عن الثورات العربية قبل حدوثها بواحد وعشرين سنة.. وهذا الملك المرسومة صورته يبدو أقرب شيء ل "معمر القذافي".
الورقة الرابعة هي ورقة الديكتاتورية.. وعليها صورة نفس البلد العربي ونفس المبنى وصورة الرئيس نفسه في ردائه العسكري نفسه.. لكن لا توجد مبانٍ تحترق وتبدو البلد في حالة مستقرة.. وفي هذا تعبير عن زعيم ديكتاتور عربي.. سيثور شعبه عليه.. وخذ هذا وطبّقه على أي ثورة من الثورات العربية تراها مناسبة.
الورقة الخامسة والسادسة هي ورقة الأميرة "ديانا" وورقة "صدام حسين".. وتشير إلى مخطط مقتلهما.. فالأولى قتلت عام 1997 بعد سبع سنوات من صدور اللعبة.. والثاني قُتِل عام 2006 .. بعد 16 سنة من صدور اللعبة.
_173_
وهناك أوراق لأمور لم تتحقق بعد مثل كارت الكارثة.. وعليه صورة تدمير برج "جينزا واكو" الشهير في طوكيو.. وتبدو الساعة المميزة أعلى البرج واضحة وهي تنفجر والناس تجري مذعورة من تحتها.
لكني تعلمت أن أتعامل مع هذه الأوراق تعامُلًا مختلفًا.. تعامُل ساحر يأمر الجان وينهاهم.. ولقد شكَّلت من هذه الأوراق تعاويذ خاصة يتم تفعيلها لما أضعها بترتيب معين.. تعاويذ تخدم الغرض الذي عزمت على فعله.. وهو كشف الحقيقة لك أنت.. وللعالم كله من بعدك.
والآن يجب علينا أن نكمل.. فكل شياطين العالم والإيلوميناتي والماسونية والسحرة وكل شرور العالم تطالب برأسي الآن.. ولقد باتت رأسي قريبة جدًّا منهم كما أرى.. فلتعلم أنه علينا أن نكمل.. ولنترك هذه الأحاديث جانبًا.
أنت الآن عرفت كيف بدأ السحر في هذا العالم.. كيف نزل "لوسيفر" وعلَّمه لأول ساحر في التاريخ وهو النمرود.. ثم عرفت كيف استشرى السحر في أهل بابل حتى صار سحرتهم يحكمونهم بالشر.. وعرفت كيف أنزل الله "هاروت" و"ماروت" ليعلما الناس السحر المضاد.. ثم عرفت كيف بعث الله النبي العظيم سليمان ليقتل كل السحرة.. وعرفت كيف احتال الجن ودفنوا كتب السحر والعلوم الشيطانية تحت عرشه.. ثم بعد أكثر من ألف سنة نزل الشيطان "بافوميت" إلى تسعة فرسانَ فرنسيين يهود وأخبرهم بمكان كتب السحر والعلوم فاستخرجوها.. وكونوا من بعد استخراجها منظمة كانت أغنى منظمة في أوروبا.. منظمة فرسان الهيكل.. والتي غيرت اسمها لاحقًا إلى المنظمة الماسونية.. التي كانت المنظمة الأم التي تفرعت عنها العديد من المنظمات الأخرى السرية.. وعرفت أن أهم إنجاز من إنجازات تلك المنظمة كان إنشاء دولة أمريكا.
_174_
بالتوازي مع كل هذا تابعت حركة الأفعى الشيطان "سيربنت" وهو يفسد عقيدة اليهود ثم يفسد عقيدة المسيحيين ثم يفسد عقيدة المسلمين.. ويُخرج من عباءة كل عقيدة عدة طوائف.. وقد حان الوقت الآن لتجتمع الماسونية مع الأفعى "سيربنت".. لتتعلم إنجازات أخرى خطيرة قامت بها المنظمة.. وقام بها "سيربنت".. إنجازات كانت البداية في طريق الغاية العظمى.. سواء للمنظمة أو للشياطين.. بناء هيكل سليمان المقدس.. ولن تعرف لماذا يود هؤلاء وهؤلاء بناء هذا الشيء اللعين إلا بعد حين.
لدينا على طاولتنا هذه المرة اثنتا عشرة ورقة.. يبدو عددًا كبيرًا.. تنتظرنا حكاية شديدة الدسامة دعنا نرى..
الورقة الأولى هي ورقة إنجلترا وعليها صورة نبيل إنجليزي سعيد ووراءه تبدو ساعة بيج بن الشهيرة..
الورقة الثانية هي ورقة الرشوة وعليها صورة يدين تصافحان بعضهما وبداخلهما نقود خضراء..
الورقة الثالثة هي ورقة قوة الناس.. وعليها صورة أيادٍ كثيرة مرفوعة تبدو وكأنها لأناسٍ في ثورة..
الورقة الرابعة هي ورقة بنك إنجلترا وعليها صورة ماكينة صرف عملاقة تبدو مليئة بالنقود..
الورقة الخامسة هي ورقة الثورة المضادة وعليها صورة لأفراد عسكريين يكيلون اللكمات لرجال مدنيين..
الورقة السادسة هي ورقة ألمانيا وعليها صورة المصانع الألمانية وسيارة الفولكس فاجن..
الورقة السابعة هي ورقة فرانكفورت.. وعليها صورة ليلية لمدينة فرانكفورت الألمانية..
الورقة الثامنة هي ورقة فرنسا وعليها صورة برج إيفل من زاوية سفلية..
_175_
الورقة التاسعة هي ورقة دعهم يأكلون الكعك.. وعليها صورة نبيل فرنسي ونبيلة فرنسية تحمل طبقًا عليه كعك مأكول..
الورقة العاشرة هي ورقة الدائنين الأشرار وعليها صورة رجلين أحدهما يبدو غاضبًا متعسّفًا دائنًا والآخر يبدو خائفًا مذعورًا مديونًا من الرجل الغاضب..
الورقة الحادية عشرة هي ورقة الإشاعات..
الورقة الثانية عشرة هي ورقة السم.
إن "سيربنت" هو الذي سيحكي لك الحكاية القادمة.. لكنه هذه المرة يزحف في أوروبا.. وسيحكيها بطريقة مبتكرة..
***
_176_
فيلم أخرجه شيطان
1684 بعد الميلاد – 1800 بعد الميلاد.
في ظلمة هذا الليل البهيم البارد.. سكتت كل الأصوات في أذنك ولم تعد تسمع سوى صوت فحيحي واهتزاز لساني المشقوق في الهواء.. وييدو أن فحيحي قد تركك في حالة من الخدر المندهش مما سمعته من أمري.. لكني اليوم قد أعددت لك قبسات من الأسرار قد لا يقدر عقلك البشري المحدود على استيعابها كلها.. سأجهز لك أطيب شراب دافيء تحب.. وسألتف حول رقبتك لأدفئها.. وسأريك في هذه الليلة عجبًا.. ولأنك إنسان حديث فسأتعامل معك بأساليبك الحديثة هذه المرة.. لقد جهزت لك فيلمًا وثائقيًّا شيطانيًّا لن تراه في أي مكان إلا في مكتبتي.. مكتبة الثعبان.. استرخ يا صديقي على هذا المقعد.. وانظر إلى تلك الشاشة الحديثة أمامك.. واستمع إليَّ جيدًا.. فسأحكي لك كمالة قصتي.. بأسلوبك العصري الذي تألفه.
بدأت الشاشة عملها وبدأت تعرض لك مشهدًا مهيبًا.. أناس مجتمعون في أحد الشوارع.. عرفتَ من نظرتك إلى ملابسهم أنهم في زمن قديم ما.. دعني أوفّر عليك مشقة الظن.. هؤلاء شعب إنجلترا.. هل ترى كيف يقفون في صمتٍ فلا تسمع حتى حركة أجسادهم.. إنهم ينتظرون الملك.. وبكلمة أكثر دقة.. هم ينتظرون إعدام الملك.. الملك "تشارلز".. إنهم يحبونه ويبدو أنه قد فُرِض عليهم حكم إعدام ملكهم هذا فرضًا.. وفجأة فُتِح باب خشبي.. وظهر على عتبته رجل.. يرتدي ملابس ملكية وقبعة ملكية.. وبدأ الرجل يمشي على جسرٍ خشبي ارتفاعه يحاذي رؤوس الناس.. إنهم ينظرون له بصمت مهيب.. بعضهم يبكون وبعضهم يئنون.. بعضهم يمد يده ليلمس قدم الملك وهو يمشي على الجسر.. وصل الملك إلى نهاية الجسر.. وهاهو ينظر إلى عتبة عليها قماش أبيض.. يقف بجوارها رجل قوي البنية يمسك ببلطة حادة.. لابد أنك فطنت ما هية هذه العتبة.. لقد كانت المكان الذي سيضع الملك عليه رأسه ليقطعها صاحب البلطة.
هذا الملك يتصرف بأنَفة عجيبة.. حقًّا هكذا يكون الملوك ملوكًا حتى في إعدامهم.. وهاهو يضع رأسه على العتبة.. ويقول بلهجة آمرة لحامل البلطة :
- انتظر إشارتي.
_179_
حقا يعجبني هؤلاء الملوك الذين يظلون ملوكًا حتى آخر ثانية في حياتهم.. وهاهو يعطي الإشارة للرجل.. وها هي البلطة تنزل على رأس الملك "تشارلز" لتقطعها.. ويضج الجمهور بالأنين والبكاء وتحدث جلبة.. يُسكتها رجل بزي قيادي يضع يده على دماء الملك ثم يرفع يده للجمهور ويقول :
- هل رأيتم؟ إن دماءه حمراء مثلنا وليست زرقاء.. ليس موفدًا من عند الله كما كان يقول.
وركزت الكاميرا على وجه ذلك الرجل قليلًا.. هذا الرجل يدعى "كرومويل".. وعلى طريقة أفلام هوليوود التي تحبها تموهت صورة "كرومويل" هذا لتظهر لك لقطة من الماضي.. لقطة لهذا الرجل وهو يكتب رسالة موجهة لجهة لا تعرف ما هي.. جاء في الرسالة "سوف أدافع عن قبول اليهود في إنجلترا مقابل المعونة المالية.. ولكن ذلك مستحيل طالما الملك تشارلز لازال حيًّا.. ولا يمكن إعدام تشارلز دون محاكمة".. ثم عرضت لك الشاشة لقطة أخرى لهذا الرجل وهو يتسلم خطاب الرد فيما يبدو.. وقد فتحه ليجد رسالة جاء فيها " سوف نقدم المعونة المالية حالما تتم إزالة تشارلز ويُقبل اليهود في انجلترا.. يجب أن تدبر طريقة تُهرِّب بها تشارلز ثم تقبض عليه.. وبهذا يكون هناك سبب مقنع للمحاكمة" والآن أخذتك الشاشة للقطة أخرى من الماضي.. إنه الملك "تشارلز" نفسه.. وهو يجلس على منصة خشبية تتوسط قاعة مليئة بالرجال ذوي الملابس الرسمية.. إنها محاكمة الملك "تشارلز".. إن "كرومويل" قد نفّذ ما أملته عليه الرسالة التي تلقاها.. ودبر هروب الملك "تشارلز" والقبض عليه والآن ها هو يحاكم.. قال له المتحدث :
- ما قولك في التهمة الموجهة لك وهي إساءة استعمال السلطة المعطاة لك من قبل القانون الذي..
_180_
قاطعة الملك "تشارلز" وقال في كبرياء ملك:
- عن أي قانون تتحدث.. من أنت أصلًا حتى تتحدث عن القانون.. أنا الملك هنا وكل الرجال في هذه القاعة رجالي وأنت منهم.
قال "كرومويل" بلهجة قوية :
- أنت تحاكم هنا لأنك أسأت استخدام سلطتك وتسببت في كبت حرية الشعب الذي..
قاطعه الملك في عزم :
- أنا أعرف عن حرية شعبي أكثر مما يعرف عنها أي واحد منكم.. إن حكومة يديرها برلمان ويسيطر عليها الجيش هي أسوأ طغيانًا من أي طغيان تزعمون أنه صدر منِّي على الإطلاق.
يبدو أنك بدأت تُعجَب بشخصية هذا الملك.. للأسف كان الرجال من حوله هم رجال البرلمان البريطاني المعارضين له.. وكان "كرومويل" هذا رجلا منهم وهو أشد المعارضين للملك.. وتلك الرسائل التي كان يتلقاها ويرد عليها كانت من أصحاب الذهب والمال اليهود.. اليهود الذين طُرِدوا من إنجلترا قبل 400 سنة وصمموا على العودة إليها ثانية ولو بعد حين.. فأغروا "كرومويل" هذا بالمال لينقلب على الملك.. وها هي الشاشة تعرض لك "كرومويل" وقد أسقط الملكية البريطانية وأعلن الجمهورية.. وأصبح هو رئيس بريطانيا.
وكما تنبأ الملك "تشارلز" تمامًا.. كان حكم الجمهورية الجديدة ديكتاتوريًّا متعسّفًا.. وهاهو "كرومويل" ينفذ وعده لليهود ويجمع عددًا من الفقهاء والمثقفين ويناقشهم بحماس في إعادة اليهود إلى البلاد.. وقد أظهرته شاشتنا وهو يقول :
_181_
- لابد من تبشير اليهود بالمسيحية.. فكيف نبشرهم ونحن لم نستطع حتى أن نحتمل عيشهم بيننا؟
ردَّ عليه أحد الحاضرين:
- هؤلاء اليهود سينتزعون التجارة منا وسيحتكرون الثروة.
ومع أنه لم يُصدر مرسومًا بعودة اليهود إلى البلاد إلا أنه سمح لهم بالدخول إلى في صمتٍ.. انتقلت بك الشاشة إلى مشهد عجيب.. مشهد لجثة متحللة.. معلَّقة من رقبتها إلى منصة خشبية ذات شكل مميز.. واقتربت الكاميرا من وجه الجثة.. إنها جثة رجل.. لو دققت النظر سترى أن هذا هو "كرومويل".. تسألني لماذا جثته متعفنة على هذا النحو؟ إن جثته متعفنة لأنه بعد أن مات ودُفِنَ في قبره.. صعد إلى العرش "تشارلز" الثاني ابن الملك "تشارلز" الأول.. وعادت الملكية إلى بريطانيا بعد أن فشلت فيها الجمهورية وأمر "تشارلز" الثاني بأن يخرج كل المتآمرين على أبيه من قبورهم ويعلقوا مشنوقين على مشنقة تايبيرن.. ولو أنك زرت لندن في يوم ما وزرت شارع إدجوار الملقَّب بشارع العرب.. فستجد في بدايته دائرة تشير إلى مكان هذه المشنقة.. هنا عُلق الخونة من رؤوسهم.. لكن الشاشة عرضت لك منظرًا لرجال يلفهم السواد والظلام.. رجال ليسوا راضيين عما آلت إليه الأمور.. هم اليهود أصحاب المال والذهب.. اليهود المرابين.. ورغم أنهم نجحوا في الدخول لبريطانيا بعد أن طُرِدوا منها إلا أن خططهم كانت أبعد من مجرد دخول البلد.. كانت خطتهم تقضي بالسيطرة على اقتصاد البلد.. ومن ثم استعباده.
_182_
اقتربت الكاميرا من هؤلاء الرجال أكثر.. ثم وضعت لك الشاشة أسفل هؤلاء الرجال رجال آخرين كثيرين جدًّا أصغر منهم حجمًا.. وظهرت على الشاشة كلمة "الشعب اليهودي".. ثم ظهرت لك خريطة أوروبا.. وبدأ الفيلم في الشرح.. لقد طُرد هؤلاء اليهود منذ 400 سنة من بريطانيا ثم من هولندا ثم من البرتغال ثم من النمسا ثم من فرنسا وسكسونيا وتشيكا وهنغاريا وأخيرًا من إسبانيا.. لماذا طُردوا؟ لأنه قد ظهر فسادهم في البر والبحر.. ثم اقتربت الشاشة من مجموعة الرجال الكبار الذين في الأعلى وظهرت عليهم كلمة "أغنياء اليهود المرابين".. وأظهرت لك الشاشة على وجوههم تعبيرات غاضبة.. ثم أكمل لك الفيلم الشرح.. صمم أولئك الأغنياء على الثأر لشعبهم.. وكانوا زعماء ماسونيين كلهم.. وخرج سهم من الرجال العلويين والسفليين إلى هولندا.. وسهم آخر إلى ألمانيا.. لقد عادوا أول ما عادوا إلى هاتين الدولتين.. لأن الدولتين كانتا الأكثر تساهلًا.
اقتربت الكاميرا من هولندا وحركت لك الشاشة الرجال العلويين إلى هولندا.. ووضعت لك الشاشة بجانب كل رجل منهم امرأة هولندية.. نعم لقد تزاوج المرابون اليهود في هولندا من الشعب الهولندي وكونوا لهم أسرًا هناك.. ثم ركزت الكاميرا على رجل من المرابين اليهود هؤلاء وأظهرت لك اسمه.. "مناسح بن إسرائيل".. وأسرته من أكبر الأسر الهولندية في هولندا.. ثم أظهرت لك الشاشة تحته شخصًا آخر كتبت لك اسمه "ويليام ".. هذا هو ابن "مناسح".. ثم حركت لك الشاشة "ويليام" هذا من هولندا إلى بريطانيا.. وأظهرت لك الشاشة بجواره امرأة بريطانية.. وفوق المرأة بالضبط أظهرت لك الشاشة رجلًا سمته "دوق يورك".. نعم لقد تزوج "ويليام" من ابنة الدوق "يورك".. ومن هو الدوق يورك هذا؟ هذا هو الرجل الذي أصبح ملك بريطانيا بعد وفاة "تشارلز الثاني".. هل رأيت كيف اقترب اليهود من عرش بريطانيا؟ لكنك لم ترَ شيئًا بعد.
ها أنت ترى على الشاشة منشورات كثيرة ومقالات صحفية كثيرة تشوه سمعة ملك البلاد الدوق "يورك".. حتى إنه هرب إلى فرنسا.. والآن عرضت لك الشاشة الملك الجديد لبريطانيا.. "ويليام" ابن المرابي اليهودي "مناسح"..
_183_
وعرضت لك الشاشة الآن رجالًا ونساء على خريطة بريطانيا.. وكتبت تحتهم "أسر ملكية بريطانية".. ثم رسمت عليهم علامة خطأ حمراء كبيرة.. ووضعت على جانب الشاشة الآخر رجالا ونساء آخرين وكتبت تحتهم " أسر ملكية يهودية".. وفوقهم وضعت لك الشاشة رجلًا واحدًا هو "ويليام".. فكل العائلة الملكية البريطانية تم استبدالها بسلالة أخرى يهودية هي التي ينحدر منها كل ملوك بريطانيا حتى هذا اليوم.. سلالة يهودية.
لكنك لم ترَ شيئًا بعد.. عرضت لك الشاشة كنيسة من الخارج.. ثم اقتربت بك من بابها المغلق بإحكام.. وعبرت بك الكاميرا عبر الباب المغلق لتدخل بك إلى الداخل لترى "ويليام" وهو جالس على مائدة واحدة مع مجموعة من الرجال.. هؤلاء هم مندوبون عن كبار المرابين اليهود.. فلتنظر ماذا سيفعل "ويليام" معهم الآن.. إنهم يكتبون عدة أوراق.. عرضت لك الشاشة هذه الأوراق.. الورقة الأولى هي قرض استدانه "ويليام" من المرابين اليهود قيمته مليون وربع جنيه استرليني.. ولإعطائه هذا القرض الضخم أيامها كتب اليهود شروطًا شيطانية.. وهي التي أظهرتها لك الشاشة في الورقة الثانية.. خلاصتها.. أن تبقى أسماء مانحي القرض سرية أبد الدهر.. وأن يعطى مانحو القرض تصريحًا بإنشاء بنك إنجلترا.. وأن يُمنَح مديرو بنك إنجلترا هؤلاء حق إصدار العملة وتحديد سعرها وتحديد سعر الذهب.. ولتسديد القرض المعطى ل "ويليام" وتسديد فوائده تلتزم الحكومة بفرض ضرائب مباشرة على الشعب البريطاني.. وفي النهاية أظهرت لك الشاشة تاريخ منح القرض وهو 1660 .. ثم كتبت لك الشاشة بجانب هذا التاريخ تاريخًا آخر.. 1950 .. وعرضت لك الشاشة حالة القرض.. لقد تحول الدين من مليون وربع.. إلى 22 مليون جنيه استرليني.. تدين بها بريطانيا للمرابين اليهود.. وهكذا ركب اليهود الحمار البريطاني.. وظهرت لك خريطة أوروبا.. وظهر لك عليها ثعبان.. هذا أنا ألم تعرفني؟ وها هي الشاشة تحرك لك الثعبان من إنجلترا إلى فرنسا.
_184_
وهاهي الكاميرا تنزل بك كما تنزل الطائرات على أوروبا وتقترب وتقرب حتى تظهر فرنسا.. ولكن الكاميرا لم تدخل فرنسا.. بل حادت عنها قليلًا ونزلت في الطريق المؤدي من فرانكفورت الألمانية إلى باريس.. طقس ممطر.. الرعد يدوي كما يجب أن يدوي الرعد.. وفارس على جواده الأسود يركض وسط كل هذا متجهًا إلى باريس.. ثم أبرقت السماء فوقه حتى خُيّل إليك أنه الظهر.. ثم دوى صوت كارثة.. ونزلت صاعقة رعدية في غاية القسوة من السماء إلى الأرض.. فتابعتها بنظرك تلقائيا لترى ماذا ستصيب.. لقد أصابت الصاعقة ذلك الفارس الذي كان يركض بفرسه بسرعة محاولا الهرب من هذا الغضب الإلهي.. لا تكلف نفسك بمحاولة معرفة ما الذي حدث له بالضبط.. لقد أصابته الصاعقة فاحترق هو وجواده فماتا فسقطا على الأرض.. ثم عرضت لك الشاشة مشهدًا لرجلين من رجال الشرطة يمران من ذلك الطريق بعد انتهاء المطر والرعد وهاهما يريان الرجل الميت.. وهاهما يحملانه.. وهاهما يسلمان أغراضه إلى مركز الشرطة القريب.
ويبدو أن هناك توترًا كبيرًا حدث في قسم الشرطة بعد فحص أغراض الرجل.. لقد كان يحمل وثائق غاية في الغرابة.. وثائق مرعبة.. ولأن فضولك قد اشتعل أنت أيضًا لمعرفة ما هية تلك الوثائق فقد اقتربت بك الكاميرا من حقيبة الرجل الموضوعة على إحدى طاولات قسم الشرطة.. ثم عرضت لك الشاشة الوثائق الموجودة بداخلها ورقة ورقة.. أعرفك لا تحب القراءة والثرثرة.. لذا سأخبرك أنا بالخلاصة.
لقد كانت هذه أوراقًا مرسلة من رجل يدعى "روتشيلد" رئيس أحد المحافل الماسونية في فرانكفورت بألمانيا إلى السيد الأعظم للماسونية الفرنسية في باريس الدوق "دورليان".. كانت الوثائق نسخة مصغرة من بروتوكولات حكماء صهيون لو كنت قد قرأتها.. وملخص ما جاء في هذه الوثائق هو التحدث بشكلٍ عامٍ عن مؤامرة ثورية عالمية لإسقاط كل عروش أوروبا.. وتتحدث عن عيوب الثورة الإنجليزية وبطئها.. وعن خطط كاملة لإشعال ثورة عارمة في فرنسا.
_185_
وتتحدث الوثائق بشكل عام عن أن الديمقراطية شيء وهمي وأن المُلك الاستبدادي للشعب هو الحل.. ولذلك ينبغي تصدير فكرة الديمقراطية الوهمية تلك إلى جميع شعوب أوروبا فينقلبون على ملوكهم.. ولكن هذا لن يصلح إلا بتدبير أزمة اقتصادية حادة في تلك البلدان.. واليهود أساتذة كبار في تدبير الأزمات الاقتصادية لأنهم مالكو المال والذهب.. فيظن الناس أن ملوكهم المستبدين هم السبب في فقرهم.. وأن الديمقراطية هي الحل.. وتقول الوثائق إنه ليس مهمًّا من الذي سينتصر في هذه الثورات.. فالمنتصر حتمًا سيحتاج إلى المال.. ونحن وحدنا من نملك المال.. فسنقدم له غصنًا يتعلق به قبل أن يغرق.. فإن تعلق به صار عبدًا كما صارت بريطانيا عبدة.. وإن تركه غرق.. هذا ملخص ما جاء في تلك الوثائق التي اكتشفتها السلطة في حقيبة ذلك الفارس.
ربما يبدو اسم "روتشيلد" الذي أرسل هذه الوثائق مألوفا لك.. إن "روتشيلد" هي أغنى عائلة على وجه الأرض.. بل على وجه التاريخ كله.. وهم عائلة يهودية من كبار المرابين اليهود.. ورغم أنهم لم يكونوا من العائلات التي دبَّرت الثورة الإنجليزية.. إلا أنهم دبَّروا كل ثورة حدثت بعدها.. ذلك لأن "روتشيلد".. مهلًا.. لماذا أثرثر لك؟ يمكنك أن تتابع وترى بنفسك.
يعرض لك الفيلم الآن محلًّا صغيرًا للصرافة في فرانكفورت بألمانيا.. اقتربت الكاميرا من المحل.. يمكنك أن تلاحظ علامة مميزة أعلى المحل.. علامة الدرع الأحمر.. وهاهي الكاميرا تدخل بك إلى الداخل.. رأيت رجلًا بالداخل كتبت لك الشاشة اسمه "آمشل موسى باور".. يهودي كان صائغًا والآن فتح محلًّا للصرافة.. حادت الكاميرا عن اليهودي لتصور لك ابنه الصغير "آمشيل ماير باور" والذي يقف بجانب والده ويتابع ما يقوم به في شغف حقيقي..
_186_
وعلى طريقة الجرافيكس ركزت الكاميرا على وجه الطفل فبدأ يتحول تدريجيًّا إلى وجه شاب يافع.. ثم ابتعدت عنه الكاميرا لتراه يدخل إلى مصرف أوبنهايمر.. لقد كبر الطفل الآن وصار كاتبًا في هذا المصرف.. لكنه كان بارعًا.. بارعًا جدًّا.. حتى إن المصرف قد جعله شريكا جزئيًّا فيه.
عادت الآن بك الكاميرا إلى المحل ذي الدرع الأحمر إياه في فرانكفورت.. ورأيت الشاب يفتح المحل.. لقد مات أبوه وقد قرر أن يستأنف أعمال أبيه بعد أن صار غنيًّا.. نظر الشاب إلى الدرع الأحمر بالأعلى.. وقرر من يومها أن يسمي عائلته "روث شيلد" وتعني بالألمانية الدرع الأحمر.
ولشدة براعة "روتشيلد" فقد استمر في أعماله وعظُمت ثروته أكثر فأكثر حتى صار من أغنى أغنياء ألمانيا.. وهاهي الكاميرا تعرض لك "روتشيلد" بعدما صار رجلًا وهو يجتمع مع اثني عشر رجلًا آخرين من المرابين اليهود.. كان يشرح لهم شفهيًّا كل ما لخصته لك في الوثائق.. كان يريد إشعال ثورات عالمية تجتاح أوروبا وأمريكا وروسيا.. بل إنه كان يريد ماهو أكثر من ذلك.. وليس هذا معرض الحديث في هذا الأمر الآن.. أنت قد عرفت من هو "روتشيلد".. وعرفت أن وثائقه التي أرسلها تم كشف أمرها.. فماذا حدث بعد ذلك؟
نحن الآن في باليه رويال بفرنسا.. من أعظم القصور الملكية في التاريخ.. تعال لندخل معًا بكاميرا الفيلم من بوابة القصر المهيب.. لكن عليك أن تحفظ عينيك يا صديقي.. فالمقطع القادم من الفيلم غير خاضع للرقابة أو Uncensored .. أنت تدخل معنا الآن إلى حفلة متحررة.. من كل شيء متحررة.. من الحياء متحررة.. ومن الأعراف متحررة.. ومن الاحترام متحررة.. حفلة يراقص الرجال فيها نساء خلعن ثوب الحياء عن أجسادهن وصدورهن.. يشربون جميعًا نخب الانحلال.. ويطلقون على أنفسهم اسم ثوريين.. لأن الثوري الحق في رأيهم هو أكثر الناس تجرُّدًا من الأخلاق.. دعك من هذا كله وانظر معي إلى بضعة وجوه حاضرة هذا الحفل.. وركز فيما سأقوله لك جيدًا.. فلست أنوي أن أعيد كلامي مرتين.
_187_
انظر أولًا إلى ذلك الرجل الواقف هناك.. ركزت الكاميرا معي على شخص يرتدي ملابس لها طراز ملابس المهمين.. ضخم الوجه والأنف.. في وجهه ندوب.. لم يكن جذابًا.. لذلك ستستغرب هذه الحسناء المتحررة التي تتأبط ذراعه بطريقة فاسقة.. هذا الرجل هو الكونت دي "ميرابو".. وهذه السيدة الحسناء المنحلة هي عشيقته مدام "هيرز".
هذا الرجل الأربعيني ذو الشعر الكبير الخشن هو الأصل الذي تفجرت منه الثورة الفرنسية كلها.. مغرقًا في الديون كان.. علاقاته النسائية أكثر من أن يتذكرها هو نفسه.. خطيبًا مفوها كان.. شديد التأثير والإقناع.. لسانه قادر على إقناعك بأي سخافة يريدك أن تقتنع بها.. ولهذا صار صديقًا لمعظم طبقة النبلاء.. أضف إلى ذلك أنه كان ثوريًّا معارضًا للنظام.
استدارت الكاميرا ومرت بك عبر العديد من المنحلين.. حاول أن تغض بصرك حتى تستطيع التركيز معي.. أعرف أن ما يحدث من فسق يفوق الحد ولكن أيقظ عقلك قليلًا معي وأطفئ أي شيء آخر.. والآن توقفت الكاميرا بك أما م رجل ذي شعر أبيض وفراغات على جانبي جبينه تميز الشروع في الصلع.. وملابسه تميز الملوك والزعماء.. هذا الرجل هو الدوق "دورليان".. ابن عم ملك فرنسا الحالي "لويس" السادس عشر.. وهذا القصر المنيف هو قصره.. وهاهو يترك من كانوا يحادثونه ويتجه ناحية الكونت دي "ميرابو" الذي كان لا يزال يلاعب الحسناء في إباحية.
سأخبرك بالسر.. لقد تقرب المرابون اليهود من الكونت دي "ميرابو" لكونه الرجل الوحيد القادر على تهييج الجماهير فكان يصلح أن يكون زعيم الثوار بلا منازع.. ولأنه كان مغرقًا في الديون فقد أقرضوه أموالًا وسددوا له دَينه.. ولكن كعادة اليهود.. لا يقترض منهم أحد شيئًا إلا وتضاعفت ديونه حتى صارت كالجبل.. كان هذا هو حال "ميرابو" وهو واقف في هذا القصر الآن.. ولقد عرفه اليهود بمدام "هيرز" المتزوجة المنحلة لتكون له لهوًا وشغلًا..
_188_
وهكذا انغمس حتى قمة رأسه في وحل الدين اليهودي.. ولأنه كان صديقًا مقرّبًا للدوق "دورليان" ابن عم الملك الذي كانت لديه مشاكل مالية هو الآخر.. فقد عرفه "ميرابو" على اليهود وأخبره كيف أنهم كرماء ويقرضون أموالًا طائلة.. فتعرَّف الدوق "دورليان" بدوره على اليهود.. وانغمس غمسة كغمسة صاحبه في الوحل اليهودي.
الحقيقة هي أن اليهود كانوا يُعِدون الدوق "دورليان" لاعتلاء العرش الملكي بعد أن يسقط الملك "لويس" عن عرشه.. ولقد اتخذوا قصره هذا وبيوته الأخرى مركزًا للتجمعات الثورية والحفلات الثورية المنحلة ومطبعة لطباعة المنشورات الثورية.. وبهذا أعد اليهود أهم أساسين للثورة.. مهيج الجماهير "ميرابو".. والملك المستقبلي "دورليان".
وعلى طريقة الأفلام السينمائية سرَّعت لك الشاشة الفيلم فصار حاضرو الحفل يتحركون بسرعة حتى انتهوا من حفلتهم وغادروا القصر الملكي.. وخرجت بك الكاميرا من قصر الدعارة هذا إلى قصر آخر هو قصر فيرساي.. وبالتحديد في الحديقة الخارجية منه حيث ترى رجلًا سمينًا يجالس سيدة ذات ملابس راقية جدًّا.. كنت ترى السيدة من ظهرها.. وكتبت لك الشاشة اسمها بالأسفل "ماري أنطوانيت" ملكة فرنسا وزوجة الملك "لويس".. وهاهي الكاميرا تدور حول الملكة لتريك وجهها من الأمام بوضوح.. فلما دخل وجهها في كادر الكاميرا.. ظهرت علامة إكس حمراء كبيرة على اسم "ماري أنطوانيت" المكتوب بالأسفل.. وكتبت لك الشاشة محذرة باللون الأحمر المضيء "ليست ماري أنطوانيت".. كان الرجل قد بدأ بالإمساك بها وتقبيلها.. كتبت لك الشاشة اسمه بالأسفل "روهان".. ثم إنه أخرج لها علبة فاخرة جدًّا.. فاتجهت بك الكاميرا تلقائيًّا ناحية العلبة.. وفور أن فتحها الرجل أمام السيدة.. رأيت مشهدًا متلألئًا لم ترَ مثله من قبل على أي شاشة وفي أي صورة.. وكتبت لك الشاشة بالأسفل عبارة متلألئة "العقد الماسي".. ثم كتبت بجانب العبارة قيمة العقد.. 2 مليون ليرة فرنسية.
_189_
والآن انتقلت بك الكاميرا بعيدًا عن قصر فرساي وطارت بك إلى قصر ملكي آخر.. قصر ملك فرنسا.. وبالداخل كان هناك مشهد غريب نوعًا ما.. دخلت بك الكاميرا عبر إحدى النوافذ لترى سيدة يشابه ثوبها ثوب السيدة التي رأيتها في حديثة قصر فرساي منذ قليل.. دارت الكاميرا حول السيدة التي كانت تحادث شخصًا ما بحدة لترى وجهها بوضوح.. كتبت لك الشاشة بالأسفل "ماري أنطوانيت الحقيقية".. ثم بدأ الفيلم يزيد لك من درجة الصوت لتسمع المحادثة.. كانت الملكة "ماري" تقول للرجل الذي أمامها بحدة :
- أنا لم أشتري هذا العقد يا هذا وليس لي علم بأي ورقة سخيفة تريد أن تريني إياها فلم أكتب أي أوراق تخص عقدا أو غير عقد.. وهيا انصرف من أمامي قبل أن آمر الحراس أن يُخرجوك بالقوة.
- معذرة ياسيدتي لكنك مطلوبة للمحاكمة العليا
ثم هرعت بك الكاميرا إلى قصر فيرساي مرة أخرى بسرعة.. لتجد الفتاة المزيفة تأخذ العقد من الرجل شاكرة ثم تنصرف.. وفي أحد البيوت الباريسية رأيت الفتاة المزيفة تخرجه ثم تسلمه لفتاة أخرى جميلة تدعى "جين".. والتي كانت تبتسم في سخرية وتنظر إلى عظمة لألأة هذا العقد.
والآن بدأ الفيلم يفسر لك كل هذه المشاهد.. إن اليهود كانوا قد بدأوا حملة واسعة للتشهير بالملكة "ماري أنطوانيت" وتلطيخ سمعتها في الوحل كعادتهم إذا أرادوا أن يثيروا شعبًا أهوجَ على مليكه.. أشاعوا أن الملكة تقيم علاقة محرَّمة مع رجلٍ من رجال الكنيسة يدعى "روهان".. وأن "روهان" هذا قد اشترى لها عقدًا ثمنه 2 مليون ليرة هدية في ظِل الأزمة الاقتصادية الرهيبة التي تمر بها البلاد لتقبل أن تسلمه مفاتنها الملكية.. على الجانب الآخر فالفتاة المزيفة تلك كانت شبيهة بالملكة ماري وقد دبَّر اليهود لقاء تلك المزيفة مع "روهان" أكثر رجال الكنيسة فسادًا..
_190_
في البداية زيفوا له رسائل حب موجهة منها إليه بخطها.. ثم زيفوا بخط الملكة وتوقيعها رسالة له تطلب فيها منه أن يشتري باسمه لصالحها عقدًا ماسيًّا يكون أغلى من أغلى عقد في أوروبا لو أراد أن يتمتع بمفاتنها. . لأنه لا يمكنها أن تشتريه بنفسها خوفًا من غضب الشعب وستنقده ثمنه لما يأتيها به.. هرع الرجل الفاسد إلى جوهريٍّ شهير ووصف له العقد.. صنع الجوهري العقد.. اتفق "روهان" على دفع ثمنه بالأجل.. قدَّم "روهان" العقد للفتاة المزيفة ظنًا منه أنها الملكة.. أعطته الفتاة ما أراد من مفاتنها.. أعطت الفتاة العقد لسيدتها مدبرة المؤامرة "جين".
لما جاء أجل الدفع.. اختفت الفتاة المزيفة.. وجن جنون "روهان".. أرسل للملكة "ماري" رسالتها له بالتعهد بالدفع.. أنكرت الملكة معرفتها به أصلًا.. رفع الجوهريُّ قضية في المحكمة.. تمَّت المحاكمة.. تأكدت المحكمة من زيف الرسائل.. وقبضت المحكمة على "جين" مدبرة المؤامرة وطبعوا على كتفها حرف" V " دلالة على أنها لصة.. ورغم أن الملكة "ماري" خرجت من هذه الدوامة بريئة إلا أن اليهود خلال وبعد المحاكمة نشروا أخبارًا مكذوبة عنها تفيد بأنها تستخدم نفوذها وبأنها مسرفة.. وبأنها ذات يوم سُئلت لماذا شعب فرنسا غاضب، فقيل لها لأنهم لا يجدون مالًا لشراء الخبز، فقالت وماالمشكلة فليأكلوا الكعك إذن.. كل هذه الأكاذيب وغيرها هيجت الشعب الفرنسي هياجًا لا هدوء بعده ولا هدنة.. وانطلق الثوار إلى شوارع المدينة يطالبون بالرؤوس.
والآن قد حان أوان قطف الرؤوس.. ويبدو أن رؤوسا كثيرة تم قصها في تلك الأحداث.. اختارت لك الكاميرا مشاهدة إعدام الملكة "ماري أنطوانيت".. هاهي الملكة تمر بين الحشود الغاضبة بعربة مكشوفة.. والحشود يرمونها بالأوساخ وبكل ما أمكن أن يرمونها به.. وهاهي تصل إلى مقصلتها.. لقد بدأوا يقصون لها شعرها الطويل.. ثم وضعوا رأسها الصغير في المكان المخصص له في المقصلة.. وقبل أن يضع الجلاد رأسها التفتت له وقالت :
- معذرة لا تؤاخذني
_191_
فقد داست على قدمه خطأ وهو يقودها إلى المقصلة.. وهاقد اقتادتك الكاميرا المتحمسة إلى مشهد آخر تشبع به فضولك.. إنه موكب عظيم مهيب.. الملك لويس على عربته الملكية المذهبة في كامل أبهته وبهائه.. وهاهو ينزل من العربة ويتجه إلى المقصلة.. وهاهي تنزل على رأسه الملكية فتقطعها ولما سالت دماء رأسه على الأرض ركض الغوغاء إليها يدوسون على الدماء بأقدامهم إظهارًا لكرههم الشديد له.. الكره الذي غذته ببراعة آلة الإعلان الماسونية التي لو وضعت شخصًا نصب عينها أهلكته.
ثم قفزت الكاميرا لك فترة من الزمن.. فبعد أن نُصِّبَ الدوق "دورليان" على عرش فرنسا بعد نجاح الثورة كما خطط المخططون.. قرروا أن ورقته قد احترقت وأن دوره قد انتهى.. وبدون خوض في التفاصيل التي ستبدو لك مكررة.. هاهي الكاميرا تصوره في داخل عربة مغلقة يمشي بين الجماهير ويسمع سبابهم وسخطهم على فضائحه المزعومة.. وينظر لهم باكيًا غير قادرٍ على الرد.. حتى وصل إلى المقصلة فنظر لهم نظرة باكية أخيرة ثم وضع رأسه بداخل المقصلة بذل.
أما "ميرابو" فبعد أن فطن أن السيناريو تكرر مع الدوق "دورليان".. عرف أن هذه كانت مؤامرة للإطاحة بالنبلاء جميعًا وليس لتطهير السياسة الملكية كما كانوا يزعمون.. ولكنه لما فطن فطن اليهود بأن رأسه قد أينعت وقد حاد أوان قطفها هي الأخرى.. ولكن لم يكن لديهم الوقت للتشهير به والبدء في نفس الفيلم المكرر.. فوضعوا له السم فمات.. وأظهروا موته على أنه حادثة انتحار.
وكان هناك شخصان لم ترهما في الفيلم لكنهما من رجال الثورة.. أحدهما هو "روبيسير" والآخر هو "دانتون".. وقد تم التشهير بهما وإرسالهما للمقصلة هما أيضًا بدون الدخول في تفاصيل.. ولكن الفيلم أظهر لك أحدهما وهو "روبيسير" وهو يخطب ذات يوم أمام الشعب قائلًا :
_192_
"إني لا أجرؤ على تسميتهم هنا.. وفي هذا الوقت.. كما أنني لا أستطيع تمزيق الحجاب الذي يغطي هذا اللغز منذ أجيال سحيقة "
وفي طريق "روبيسير" إلى المقصلة أصابه أحدهم بطلقة في فكه.. وهكذا سقطت ورقة أخرى لعب بها اليهود وانتهى دورها.. وفي نهاية هذه الثورة أظهر لك الفيلم باكورتها.. هاهم اليهود يمدون يد العون بالقروض إلى فرنسا للخروج من أزمتها الاقتصادية.. واشترطوا أن يكتبوا هم اتفاقية القرض.. وكان من الشروط وضع السيد "نيكر" وزيرا للمالية الفرنسية لأنه رجل بارع وقادر على انتشال فرنسا من الأزمة خلال وقت لا يذكر.
وفي النهاية أظهر لك الفيلم شاشة سوداء كتب فيها.. "هذا ولقد تسبب نيكر في أن تصل ديون دولة فرنسا لليهود المرابين حوالي 170 مليون ليرة"
تمَّت
***
_193_
تحليل القصة 8
صفقوا لليهود.. وصفقوا للأفعى "سيربنت" الشيطان الذي ينظر إليَّ الآن ومعه ستة شياطين آخرين.. صفقوا لهم جميعًا.. الثورة الإنجليزية وركوب الحمار الإنجليزي.. ثم الثورة الفرنسية وركوب الحمار الفرنسي.. ثم الثورة الأمريكية وركوب الحمار الأمريكي.. ثم الثورة الإسبانية وركوب الحمار الإسباني.. ثم الثورة الروسية وركوب الحمار الروسي.. وغيرها وغيرها.. ولو أردت أن أحكي لك كيف سقطت ملكيات أوروبا جميعًا لملأت كتابين غير هذا الكتاب الذي بين يديك.. على أية حال لا تتعجل.. يكفيني حاليًا أن تعرف أن الماسونية هي التي أشعلت ثورات أوروبا كلها.. ولقد ذكر لنا "سيربنت" مثالين هما الأهم.
إن "روتشيلد" وأولاد "روتشيلد" وأحفاد "روتشيلد هم أغنى أغنياء العالم حتى هذه اللحظة.. وهي العائلة التي تملك حاليًا نصف ثروة العالم.. ويملكون "البنك الدولي".. وهو البنك الذي لا توجد دولة حاليًا إلا وهي مقترضة منه ملايين لا حصر لها.. ولذلك فيمكنهم التحكم بكل دول العالم حتى أمريكا.. هو البنك الآمر الناهي لكل بنوك العالم بلا استثناء.. أي أنهم فوق الدول.. هذه حقيقة يسهل التأكد منها ببحثٍ سريعٍ على الإنترنت.. وهناك عائلة أخرى في أمريكا هي "روكيفيلر".. وهاتين العائلتين تربطهما علاقات مصاهرة كثيرة وعلاقات عمل.
وحتى أبسّطها لك تخيَّل هرمًا.. ونحن الشعب في أسفل الهرم. . فوقنا مباشرة الحكومات التي تتحكم بنا بلا حول منا ولا قوة.. فوق الحكومات نجد الشركات العظمى أمثال مايكروسوفت وسوني وغيرها ممن يتحكمون باقتصاد تلك الحكومات.. فوق الشركات العظمى نجد البنوك الكبيرة المسيطرة على رؤوس الأموال.. ثم فوق البنوك الكبيرة نجد البنوك المركزية مثل البنك الفيدرالي الأمريكي الاحتياطي.. في قمة الهرم المصدر الأصلي لكل أموال العالم وهو بنك التسويات الدولية وهو الموجِّه الحقيقي لكل تلك بنوك العالم ويراقب عملها وهذا البنك الأخير هو ملك لعائلة "روتشيلد" وشركائهم.. وهو المحرك الحقيقي للدول من وراء الستار.
_195_
أشعر في عينيك بعدم تصديق لكلامي.. هل يعقل أن الماسونية هي التي دبَّرت كل هذا؟ نعم يعقل.. هل تريد أن ترى دليلًا ملموسًا؟ إذن تعالَ معي إلى الغابة البوهيمية.. هيَّا نعم أنا لا أمزح.. تعالَ إلى الغابة البوهيمية.. غابة في شمال كاليفورنيا.. يلتقي فيها كل سنة نخبة الولايات المتحدة الأمريكية في اجتماع كبير.. الرئيس الأمريكي والوزراء وكبار رجال المال والأعمال والسياسيون وكبار رجال الجيش والإعلاميون وحتى رجال الجامعات.. الذين وصلوا في الماسونية إلى درجات متقدمة جدًّا.. وهو اجتماع سري لا يسمح للصحافة بأن تنفذ إليه أبدًا تحت أي ظرفٍ من الظروف.. وما يقال للعامة إنه اجتماع لمدة أسبوعين يرفه فيه هؤلاء الكبار عن أنفسهم ويستجمون وينسون قليلًا همومهم الضخمة ومسؤولياتهم.. فقط لمدة أسبوعين في السنة. تقام في هذا التجمع عروض مسرحية سرية واستعراضات وهكذا.. وذات يوم من الأيام نجح صحفي أمريكي في التسلل إلى داخل الغابة البوهيمية وتصوير ما يحدث بالداخل بالصوت والصورة.. صحفي يدعى "أليكس جونز".. وكان ما صوره عجيبًا.. فضيحة عالمية هزت أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية كلها.
كان ما صوره بكاميرا الفيديو خاصته هو الطقس الرئيسي الذي يقام على المسرح الرئيسي في تلك الغابة البوهيمية.. طقس عبادة لأحد الأصنام.. فالحقيقة أن كبار رجال الدولة كانوا يعبدون صنمًا في عصر يُفترض أن انقرضت فيه عبادة الأصنام.. ولولا المبالغة لقلت أن هناك تشابُهًا مريعًا بين الفيديو المعروض وبين ماكان يصنعه البابليون قديمًا من عبادة الأصنام.. أو حتى ما كان يصنعه كفار قريش العرب.
ومن يرى الفيديو لأول مرة سيرد على ذهنه أنها مسرحية إغريقية.. فأنت ترى أناسًا بملابس احتفالية يؤدون مشهدًا مسرحيًّا ما.. يقفون على مسرح حجري مقام على بحيرة صغيرة..
_196_
هذا ما تراه في الوهلة الأولى.. ثم تفطن إلى أن هناك تمثالًا كبيرًا أسود لبومة ضخمة بشعة.. والممثلون في العرض يتوزعون حول البومة يحملون مشاعل في أياديهم ويبدون أقزامًا بجانب ضخامتها.. ثم تسمع صوتًا يتحدث بلهجة ساحر يؤدي طقسًا ما.. رأى المشاهدين على كل الشاشات هذا المشهد بصوت واضح جدًّا لكن لم يفهم أحد شيئًا.. وكما تعرف. . أنا هنا لأجعلك تفهم.. سأنقل لك مقاطع من تلك الطقوس وليس كلها لأن فيها الكثير من الثرثرة الفارغة.. وسأوقف الفيديو كل حين لأشرح لك.. تابع معي..
في البداية يقول المتحدث بصوته المسرحي..
" السيد البومة في معبده المصنوع من أوراق الشجر.. الكل في هذه الغابة يوقره.. ارفعي رؤوسك أيتها الأشجار الكبيرة.. وارفعي قممك أيتها الأعشاب الصغيرة.. انتبهوا فهاهو ضريح بوهيميا المقدَّس.. ومقدسة هي الأعمدة التي تحمل بيته"
إذن فهناك بومة مقدسة.. ولها معبد.. وكل الحاضرين في هذه الغابة من رجال الدولة يوقرونها.. وهناك أيضًا ضريح مقدَّس.. والضريح هو القبر الذي له شأن ما.. مثل مقام أو مزار.. قال الصحفي الذي صوَّر المقطع إن هذه طقوس عبادة أوثان.. وأن الوثن المعبود هنا هو الإله البابلي القديم "مولوك".. لكن هذا ليس صحيحًا.. فمولوك هذا تيس وليس بومة.. ولم يتحول إلى بومة في أي حضارة من الحضارات.. الحقيقة أن هؤلاء في طقوسهم هذه إنما كانوا ولازالوا يعبدون الشيطانة "ليليث".. والتي ترمز لها كل الحضارات برمز البومة.. يعبدونها لأنها رمز التمرد.. ولقد أصبحت رمزًا للتمرد لأنه وحسب كلام التلمود اليهودي كانت الشيطانة "ليليث" هي زوجة "أدم" قبل أن يخلق الله "حواء".. ولكن "ليليث" مخلوقة خلقًا مستقلًّا مثل "آدم".. أما "حواء" فمخلوقة من ضلع "آدم".. ولما حاول "آدم" أن يتحكم ب "ليليث" تمردت عليه.. ولما تمردت عليه لعنها الله ومسخها إلى بومة..
_197_
فهي بالنسبة لهؤلاء المجتمعين من نخبة الولايات المتحدة تعني التمرد على كل القيود والأديان والعقائد وكل شيء.. فـ "ليليث" بالنسبة لهم مقدسة.. والله هو الذي لعنها لأنه شيء شرير.. يكره البشر ولا يريد لهم الخير.
"الذكريات تعيد أسماء محبوبة لأصدقاء رائعين.. عرفوا هذه الغابة وأحبّوها.. أعزائي رفاق الزمان القديم.. نعم فلندعهم ينضمون لنا في هذه الطقوس.. ولا تكون بيننا مساحات فارغة.. احضروا إلى حكايتنا.. هيَّا اجتمعوا يا رفاق الغابة.. وألقوا بتعاويذكم على هؤلاء البشريين.. المسوا أعينهم العمياء على العالم بعنايتكم.. افتحوا أعينهم على أوهامهم.. اتبعوا ذكريات الأمس"
هنا ينادون أعزاءهم الشياطين.. أصدقاءهم منذ فجر التاريخ.. لينضموا إليهم وينقذونهم من طريق الضلال والعمى إلى طريق النور.. وفجأة ترى قاربًا يتحرك في البحيرة ويرسو على المسرح الحجري.. ويُخرِج منه أحد الواقفين شيئًا ملفوفًا برداء أسود.. ثم يقول المتحدث..
"هذا القربان الشرير وكل أعماله.. كتم أحلامنا.. وكما أبيدت بابل.. لابد أن تتم إبادته هو أيضًا.. كما جعل الطحالب تنمو على أحجار بابل المتكسرة"
القربان الشرير هنا هو الشيء الذي دمر مدينة بابل.. أول أرض تحالف فيها الإنس والجن الشياطين.. الشيء الذي دمَّر هذا التحالف وحارب السحر.. وهذا الشيء بالطبع هو الله.
"أيها البوهيميون والكهنة.. نداؤكم اليائس الذي ناديتموه بقلوبكم المثقلة قد تمت إجابته.. وبقوة رفاق الزمن القديم.. هذا القربان ستتم إبادته.. وهاقد أحضرنا جسده إلى المحرقة الجنائزية.. ولتغني الجنازة السعيدة.. فمحرقتنا الجنائزية تنتظر جثة القربان.. أنت يامن عبرتَ به إلى الميناء.. هذا القربان عدو لدود للجمال.. وليس لأمثاله الغفران ولا الراحة في القبر.. النار النار ستحقق كل رغباتكم"
_198_
يبدو أن البومة المقدَّسة "ليليث" قد استجابت دعواتهم وأرسلت الشياطين رفاق الزمن القديم ليحرقوا الله.. ثم تلاحظ أنهم قد أوقدوا نارًا..
"أحضَروا النار.. أغبياء.. أغبياء.. أغبياء.. متى ستتعلمون.. أنه لا يمكنكم ذبحي.. سنة بعد سنة وأنتم تحرقونني في هذه الغابة.. وتوصلون صيحاتكم المنتصرة إلى النجوم.. وعندما تحولون وجوهكم خارج هذه الغابة.. هل تجدونني منتظرًا كما السابق؟ أغبياء.. أغبياء.. أغبياء إن ظننتم أنكم قتلتموني"
هذا هو الله يتحدث ويتحداهم ويقول إنه لا يمكنهم قتله.. لأنهم كلما يحرقونه كل سنة يعود من جديد.. "قل أيتها الروح الساخرة.. ليس كل هذا حلم.. نحن نعلم أنك تنتظرنا.. بعد أن تنتهي هذه الإجازة في الغابة.. وسنواجهك وسنقاتلك مثل العادة القديمة.. والبعض منا سينتصر عليك.. والبعض ستنجح في تدميره.. والآن دعنا نحرقك مرة أخرى في هذه الليلة.. ومع تلك النيران التي تلتهم روحك.. سنقرأ اللافتة.. الصيف يحررنا" وهم يتحدون الله.. ولافتة الصيف يحررنا هو رمز للغاية من اجتماعهم في هذه الغابة كل صيف.. أن يتحرروا من الله.. أنتم ستحرقونني مرة أخرى.. ولكن ليس بهذه النيران.. التي أحضرتموها هاهنا.. فمن الأراضي التي أسودها.. يا أيها الأغبياء والكهنة.. سأتفل على ناركم"
لازال الله يتحداهم.. "يا أيتها البومة.. أميرة كل الحكمة البشرية.. بومة البوهيميا.. نحن نلتمس منك.. أن تؤتينا حكمتك"
_199_
"لا نار.. لا نار.. لا نار.. لا نار في هذه الغابة.. بل دعيها تكون في العالم.. حيث يتغذى هذا القربان الشرير.. على كراهية الإنسان.. اطرديه خارج هذه الغابة.. شعلة واحدة يجب أن تشعل النار.. شعلة واحدة يجب أن تشعل النار.. شعلة صافية خالدة.. عبر نور التحالف العظيم.. في مذبح بوهيميًّا"
يلتمسون من البومة المقدسة "ليليث" أن تخلصهم من الله الذي يتحداهم..
"يا بومة البوهيميا العظيمة.. نحن نشكرك على هذه المناشدة.. اذهب أيها القربان البغيض.. اذهب.. ومرة أخرى نحن نبعده.. اذهب أيها القربان.. النار ستحمل رغباتهم.. اذهب أيها القربان.. يا نيران التحالف الخالدة.. مرة أخرى الصيف يحررنا"
وهنا حرقت النار القربان الشرير وهو الله في زعمهم.. وتخلصوا منه لمدة أسبوعين هي مدة إقامتهم في تلك الغابة.. تعالى الله عن كل هذا علوًّا كبيرًا.. سبحانه خالق السماء وخالق الأرض وخالق النار.. خالق الجن وخالق الإنس.. ليس كمثله شيء.. استغفره وأتوب إليه ألف مرة لو تجرأت حروفي على كتابة أحاديث أهل الخسة.. واسمح لي أن أوقف الحديث في هذا الأمر ولنكمل ما بدأناه.. لأنه لم يبقَ لي في هذه الدنيا كثير.. ولو كنت لا تصدقني اذهب وابحث عن صور "جورج بوش" وأبوه و"رونالد ريغان" و"ريتشارد نيكسون في تلك الغابة.. وبعضهم كان يذهب إليها قبل حتى أن يصير رئيسًا.. واذهب وابحث عن منظمة "الجمجمة والعظام" التي هي فرع الإيلوميناتي في أمريكا.. وإلى مقابلة "جورج بوش" في التليفزيون لما كان مرشحًا للرئاسة والمذيع يسأله هل أنت عضو في منظمة الجمجمة والعظام فأجاب: هذه منظمة سرية ولا أستطيع التحدث عن ذلك ونفس الإجابة بالضبط أجابها منافسه "جون كيري" في نفس البرنامج على نفس السؤال بنفس الضحكة اللزجة.
وشاهد المقطع الذي تم تصويره سرًّا لما يحدث داخل محافل منظمة الجمجمة والعظام وهي تحديدًا طقوس الانضمام حيث هناك امرأة تصرخ صراخًا مؤلمًا جدًّا يتداخل مع الهمس.. صرخات من النوع الذي كانت تصرخه "إيميلي روز".. المقطع صوره رجل يدعى "رون روزينبام"
_200_
إنه دين رائع دين أولئك الذين يعبدون الحقير "لوسيفر".. دين لا يدعوك للتقشف والرضا وكل هذه الأمور التي امتلأت القبور بالذين يصدقونها.. هذا دين يقدم لك الكاش.. المستقبل.. النساء.. الشهرة لو أردت.. الطاعة لو أردت.. يقدم لك كل شيء كالعصا السحرية.. وهو مثله مثل أي دين آخر.. لابد أن تطيع فيه ربك الذي تعبده.. تطيعه طاعة عمياء.. فلو أطعته حصلت على النعيم المقيم وليس الوعد المزيف بالنعيم المقيم.. ذلك الوعد الذي لا يمكنك الوثوق به.. بل النعيم المقيم منذ اللحظة التي تخرج فيها من هذا المكان.. ولو أنك عصيت سيكون هناك جحيم.. جحيم محسوس أيضًا سريع جدًّا.. ولهذا يسمى المؤمن بالله مؤمنًا لأنه مؤمن بشيء لم يره ولم يحسه لكنه مؤمن به. فلنر ماذا لدينا من أوراق هذه المرة.. ثلاث عشرة ورقة..
الورقة الأولى هي ورقة زعماء صهيون وعليها صورة شيوخ يهود كما تبدو من شعورهم وسوالفهم الطويلة يرتدون بذلات ويضعون على أكتافهم أزارًا بنيًّا غريبًا..
الورقة الثانية هي ورقة قنوات التلفزيون.. وعليها صورة رجل يشاهد أكثر من عشر شاشات تعرض كل واحدة منها شيئًا مختلفًا..
الورقة الثالثة هي ورقة تأثير الإعلام وعليها صورة رجال كثيرين متجمهرين أمام شاشة تلفزيون كبيرة يشيرون إليها وهي تعرض ما يبدو وكأنه مذيع أخبار..
الورقة الرابعة هي ورقة تأثير التلفزيون على المشاهدين وتبدو فيها صورة تلفزيون ورجل وامرأة يشاهدانه مسحورين..
_201_
الورقة الخامسة هي ورقة تقييد حرية الإعلام.. وعليها صورة رجل يبدو إعلاميًّا مكمم فمه بكلمة Censored حمراء كبيرة..
الورقة السادسة هي ورقة اندماج البنوك.. وعليها خمسة أسماك بأحجام مختلفة يأكل الكبير منها الصغير.. وكلهم تأكلهم سمكة كبيرة بشعة متوحشة..
الورقة السابعة هي ورقة الديمقراطية وعليها صورة رجل أسود وبنت صينية يعبدون نفس الرب الماثل أمامهم وهو عجل ذهبي..
الورقة الثامنة هي وقة الفضيحة وعليها صورة رجلين على مكتب يفعلان أمرًا يبدو مريبًا منذ قلق وجوههم والصورة تبدو وكأنها من داخل كاميرا تصورهم لوجود كلمة REC عليها في زاوية الشاشة..
الورقة التاسعة والعاشرة هما ورقتان لنفس الشيء وهو الانتخابات النزيهة.. وتبدو على أحدهما صورة فتاة سعيدة ترتدي عَلم أمريكا.. وتبدو على أخرى صورة لنفس الفتاة ترتدي نفس العلم لكن بوضعية أخرى..
الورقة الحادية عشرة هي ورقة التأثير الخفي وراء القضاء.. وعليها صورة قاضٍ يضرب بمطرقته ووراءه ستار أحمر يبدو في منتصفه ظِل رجل يرتدي قبعة..
الورقة الثانية عشرة هي ورقة الفضيحة الجنسية وعليها رجل وامرأة على السرير وهناك من فاجأهما والتقط لهما صورة فيبدو في الصورة مذعورين يرفعان بأيديهما في وجه الكاميرا..
الورقة الأخيرة هي ورقة حرق الأدلة وعليها أوراق تبدو مهمة يتم حرقها..
_202_
الحكاية القادمة في الواقع ليست حكاية.. إنما هي محاضرة.. حضر فيها 300 من أغنى رجال صهيون.. من وصلوا للدرجة الثالثة والثلاثين في الماسونية.. كبار رجال السبط اليهودي الثالث عشر.. كان هذا بعد الثورة الفرنسية وقبل اندلاع الثورة الروسية.
المحاضر فيها يدعى "تيودور هرتزل".. وهي المحاضرة التي اشتهرت بتسجيلها في كتاب يعد أخطر الكتب على الإطلاق.. كتاب سمي "بروتوكولات حكماء صهيون".. وهي محاضرة طويلة جدًّا عُقدت على ثلاثة أيام متتالية.. وقد اختصرتها لأجلك.. فحذفت منها كل الثرثرة التي لا طائل منها.. وأبقيت لك فقط الكلام المهم.. لأني أعرف أنك تكره الثرثرة.
أما الآن.. فلنذهب معًا إلى مدينة "بال" في سويسرا.. إلى أحد المحافل الماسونية الكبيرة هناك حيث عُقدت هذه المحاضرة.. ولنجلس وسط هؤلاء الكبار ونستمع إلى "هرتزل" وهو يتحدث إليهم.. لكن أود أن أنصحك نصيحة.. ربما ستجد الكلام صعبًا نوعًا ما.. فعليك أن تركز في كل مقطع تركيزًا شديدًا حتى تستوعبه جيدًا.. ولتجد أن الكلام قريبًا جدًّا مما يحدث في دولتك.. ولو كنت تعيش في أقصى الأرض..
***
_203_
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق